وَقَالَ العَوفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ قَالَ: اللَّهُ وِتْرٌ وَاحِدٌ، وَأَنْتُمْ شَفْعٌ. وَيُقَالُ: الشَّفْعُ صَلَاةُ الْغَدَاةِ، وَالْوَتْرُ: صَلَاةُ الْمَغْرِبِ.
قَوْلٌ خَامِسٌ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ قَالَ: الشَّفْعُ الزَّوْجُ، وَالْوَتْرُ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: اللَّهُ الْوَتْرُ، وَخَلْقُهُ الشَّفْعُ، الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ شَفْعٌ، السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، وَالْبَرُّ وَالْبَحْرُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَنَحْوُ هَذَا. وَنَحَا مُجَاهِدٌ فِي هَذَا مَا ذَكَرُوهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ٤٩] أَيْ: لِتَعْلَمُوا أَنَّ خَالِقَ الْأَزْوَاجِ وَاحِدٌ.
قَوْلٌ سَادِسٌ: قَالَ قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ هُوَ الْعَدَدُ، مِنْهُ شَفْعٌ وَمِنْهُ وَتْرٌ.
قَوْلٌ سَابِعٌ: فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ رَوَاهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ وابنُ جَرير مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَرُوي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ: حَدَّثَنِي عَبد اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، أَخْبَرَنِي عَيَّاشُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي خَيْرُ (١) بْنُ نُعَيم، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "الشَّفْعُ الْيَوْمَانِ، وَالْوَتَرُ الْيَوْمُ الثَّالِثُ" (٢).
هَكَذَا وَرَدَ هَذَا الْخَبَرُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ اللَّفْظِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَمَا رَوَاهُ هُوَ أَيْضًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُمَا: هِيَ الصَّلَاةُ، مِنْهَا شَفْعٌ كَالرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّنَائِيَّةِ، وَمِنْهَا وَتْرٌ كَالْمَغْرِبِ، فَإِنَّهَا ثَلَاثٌ، وَهِيَ وَتْرُ النَّهَارِ. وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْوِتْرِ فِي آخِرِ التَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ.
وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ قَالَ: هِيَ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، مِنْهَا شَفْعٌ وَمِنْهَا وَتْرٌ. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَمَوْقُوفٌ، وَلَفْظُهُ خَاصٌّ بِالْمَكْتُوبَةِ. وَقَدْ رُوِيَ مُتَّصِلًا مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ عَامٌّ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ -هُوَ الطَّيَالِسِيُّ-حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عِصَامٍ: أَنَّ شَيْخًا (٣) حَدَّثَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، عَنْ عِمْرَانِ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِل عَنِ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، فَقَالَ: "هِيَ الصَّلَاةُ، بَعْضُهَا شَفْعٌ، وَبَعْضُهَا وَتْرٌ" (٤).
هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُسْنَدِ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بُنْدَار، عَنِ عَفَّانَ وَعَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، كِلَاهُمَا عَنْ هَمَّامٍ -وَهُوَ ابْنُ يَحْيَى-عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عِصَامٍ، عن
(٢) تفسير الطبري (٣٠/١٠٩).
(٣) في أ: "أن جبيرا".
(٤) المسند (٤/٤٣٧).