أُنْزِلَتْ فِيهِ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ (١).
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ إِذَا مَاتَ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ، وَمَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: إِذَا تَرَدَّى فِي النَّارِ.
﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢) وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأولَى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤) ﴾
(١) تفسير الطبري (٣٠/١٤٢).
﴿لَا يَصْلاهَا إِلا الأشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الأتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَمَا لأحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١) ﴾
قَالَ قَتَادَةُ: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾ أَيْ: نُبَيِّنُ الحلالَ والحرامَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ سَلك طَرِيقَ الْهُدَى وَصَل إِلَى اللَّهِ. وَجَعَلَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ [النَّحْلِ: ٩]. حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأولَى﴾ أَيِ: الْجَمِيعُ مِلْكُنَا (١) وَأَنَا الْمُتَصَرِّفُ فِيهِمَا.
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ تَوَهَّجُ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شعبة، عن سِماك بْنِ حَرْبٍ، سمعتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَخْطُبُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ: "أُنْذِرُكُمُ النَّارَ [أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ، أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ] (٢) حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ بِالسُّوقِ لَسَمِعَهُ مِنْ مَقَامِي هَذَا. قَالَ: حَتَّى وَقَعَتْ خَميصة كَانَتْ عَلَى عَاتِقِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ (٣).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ النعمان ابن بَشِيرٍ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رجلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ".
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٤)
وَقَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلَانِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ يَغلي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلي المِرْجَل، مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدَّ مِنْهُ عَذَابًا، وَإِنَّهُ لَأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا" (٥).
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا يَصْلاهَا إِلا الأشْقَى﴾ أَيْ: لَا يَدْخُلُهَا دُخُولًا يُحِيطُ بِهِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ إِلَّا الْأَشْقَى. ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: ﴿الَّذِي كَذَّبَ﴾ أَيْ: بِقَلْبِهِ، ﴿وَتَوَلَّى﴾ أَيْ: عَنِ الْعَمَلِ بِجَوَارِحِهِ وأركانه.
(١) في م: "ملكا".
(٢) زيادة من م، أ، والمسند.
(٣) المسند (٤/٢٧٢).
(٤) المسند (٤/٢٧٤) وصحيح البخاري برقم (٦٥٦١، ٦٥٦٢).
(٥) صحيح مسلم برقم (٢١٣).
(٢) زيادة من م، أ، والمسند.
(٣) المسند (٤/٢٧٢).
(٤) المسند (٤/٢٧٤) وصحيح البخاري برقم (٦٥٦١، ٦٥٦٢).
(٥) صحيح مسلم برقم (٢١٣).