بِمِثْلِهِ، فَأَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (١) يَا جِبْرِيلُ، مَا لِي أَرَى الشَّمْسَ طَلَعَتِ الْيَوْمَ (٢) بِضِيَاءٍ وَنُورٍ وَشُعَاعٍ لَمْ أَرَهَا طَلَعَتْ بِمِثْلِهِ فِيمَا مَضَى؟ ". قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيُّ، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ الْيَوْمَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ. قَالَ: "وَفِيمَ ذَلِكَ؟ " قَالَ: كَانَ يُكْثِرُ قِرَاءَةَ: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " فِي اللَّيْلِ وَفِي النَّهَارِ، وَفِي مَمْشَاهُ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ، فَهَلْ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَقْبِضَ لَكَ الْأَرْضَ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". فَصَلَّى عَلَيْهِ.
وَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي [كِتَابِ] (٣) دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ" مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنِ الْعَلَاءِ أَبِي (٤) مُحَمَّدٍ (٥) -وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ -فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ الشَّامِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ -مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالْبَصْرَةِ عِنْدِي-عَنْ مَحْمُودٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (٦) عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيُّ، فَتُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ الْأَرْضَ، فَلَمْ تَبْقَ شَجَرَةٌ وَلَا أَكَمَةٌ إِلَّا تَضَعْضَعَتْ، فَرَفَعَ سَرِيرَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ وَخَلْفُهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فِي كُلِّ صَفٍّ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا جِبْرِيلُ، بِمَ نَالَ هَذِهِ الْمَنِزَلَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؟ ". قَالَ بِحُبِّهِ: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " وَقِرَاءَتِهِ إِيَّاهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا قَائِمًا (٧) وَقَاعِدًا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ (٨).
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنِ، عَنْ مَحْبُوبِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَهُ. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ (٩)، وَمَحْبُوبُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: "لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ" (١٠). وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ، تَرَكْنَاهَا (١١) اخْتِصَارًا، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ فِي فَضْلِهَا مَعَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ، حَدَّثَنِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَابْتَدَأْتُهُ فأخذتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِمَ نَجَاةُ الْمُؤْمِنِ؟ قَالَ: "يَا عُقْبَةُ، احْرُسْ لِسَانَكَ وَلِيَسَعْكَ بيتُك، وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ". قَالَ: ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَابْتَدَأَنِي فَأَخَذَ بِيَدِي، فَقَالَ: "يَا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، أَلَّا أَعُلِّمُكَ خَيْرَ ثَلَاثِ سُوَر أُنْزِلَتْ فِي التوراة، والإنجيل،
(٢) في م: "يومئذ".
(٣) زيادة من م.
(٤) في أ: "العلاء بن محمد".
(٥) مسند أبي يعلى (٧/٢٥٦) ودلائل النبوة (٥/٢٤٥).
(٦) وقع في أصل مسند أبي يعلى: "محمود بن عبد الله" ووقع هنا: "محمود أبي عبد الله" - كما ترى- والصواب: "محبوب ابن هلال" كما في رواية البيهقي، والله أعلم.
(٧) في م: "وقائما".
(٨) مسند أبي يعلى (٧/٢٥٨).
(٩) دلائل النبوة (٥/٢٤٦) ورواه ابن الضريس في فضائل القرآن برقم (٢٧٢)، من طريق محبوب بن هلال به، وساقه المؤلف في البداية والنهاية من رواية البيهقي (٥/١٤)، وقال: "منكر من هذا الوجه".
(١٠) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٨/٣٨٩).
(١١) في م: "تركنا ذكرها".