٥٧- "وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا"، مكة، نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف، وذلك أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لنعلم أن الذي تقول حق، ولكنا إن اتبعناك على دينك خفنا أن تخرجنا العرب من أرضنا مكة. وهو معنى قوله: "نتخطف من أرضنا"/، والاختطاف: الانتزاع بسرعة. قال الله تعالى: " أولم نمكن لهم حرما آمنا "، وذلك أن العرب في الجاهلية كانت تغير بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضاً، وأهل مكة آمنون حيث كانوا، لحرمة الحرم، ومن المعروف أنه كان يأمن فيه الظباء من الذئاب والحمام من الحدأة، "يجبى"، قرأ أهل المدينة ويعقوب: تجبى بالتاء لأجل الثمرات، والآخرون بالياء للحائل بين الاسم المؤنث والفعل، أي: يجلب ويجمع، "إليه"، يقال: جبيت الماء في الحوض أي: جمعته، قال مقاتل: يحمل إلى الحرم، "ثمرات كل شيء رزقاً من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون"، أن ما يقوله حق.
٥٨- "وكم أهلكنا من قرية"، أي من أهل قرية، "بطرت معيشتها"، أي: في معيشتها، أي: أشرت وطغت، قال عطاء: عاشوا في البطر فأكلوا رزق الله وعبدوا الأصنام، "فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً"، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يسكنها إلا المسافرون ومار الطريق، يوماً أو ساعة، معناه: لم تسكن من بعدهم إلا سكوناً قليلاً. وقيل: معناه: لم يعمر منها إلا أقلها وأكثرها خراب، "وكنا نحن الوارثين"، كقوله: "إنا نحن نرث الأرض ومن عليها" (مريم-٤٠).
٥٩- "وما كان ربك مهلك القرى"، أي: القرى الكافرة وأهلها، "حتى يبعث في أمها رسولاً"، يعني: في أكبرها وأعظمها رسولاً ينذرهم، وخص الأعظم ببعثة الرسول فيها، لأن الرسول يبعث إلى الأشراف، والأشراف يسكنون المدائن، والمواضع التي هي أم ما حولها، " تتلو عليهم آياتنا "، قال مقاتل: يخبرهم الرسول أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا، "وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون"، مشركون، يريد: أهلكتهم بظلمهم.