فسألت ابن عباس وأبا هريرة فقالا صدق. وذهب جماعة إلى أنه لا يباح له التحلل إلا بحبس العدو وهو قول ابن عباس وقال لا حصر إلا حصر العدو، وروي معناه عن ابن عمر وعبد الله بن الزبير وهو قول سعيد بن المسيب و سعيد بن جبير وإليه ذهب الشافعي و أحمد و إسحاق، وقالوا الحصر والإحصار بمعنى واحد. وقال ثعلب : تقول العرب حصرت الرجل عن حاجته فهو محصور، وأحصره العدو إذا منعه عن السير فهو محصر، واحتجوا بأن نزول هذه الآية في قصة الحديبية وكان ذلك حبساً من جهة العدو ويدل عليه قوله تعالى في سياق الآية " فإذا أمنتم " والأمن يكون من الخوف، وضعفوا حديث الحجاج بن عمرو بما ثبت عن ابن عباس أنه قال: لا حصر إلا حصر العدو، وتأوله بعضهم على أنه غنما يحل بالكسر والعرج إذا كان قد شرط ذلك في عقد الإحرام كما روي أن ضباعة بنت الزبير كانت وجعة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: " حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني ". ثم المحصر يتحلل بذبح الهدي وحلق الرأس، والهدي شاة وهو المراد من قوله تعالى " فما استيسر من الهدي "، ومحل ذبحه حيث أحصر عند أكثر أهل العلم، لأن النبي ﷺ ذبح الهدي عام الحديبية بها، وذهب قوم إلى أن المحصر يقيم على إحرامه ويبعث بهديه إلى الحرم، ويواعد من يذبحه هناك ثم يحل، وهو قول أهل العراق. واختلف القول في المحصر إذا لم يجد هدياً ففي قول لا بد له فيتحلل والهدي في ذمته إلى أن يجد، والقول الثاني: له بدل، فعلى هذا اختلف القول فيه، ففي قول عليه صوم التمتع، وفي قول تقوم الشاة في فدية الطيب واللبس فإن المحرم إذا احتاج إلى ستر رأسه لحر أو برد أو إلى لبس قميص، أو مرض فاحتاج إلى مداواته بدواء فيه طيب فعل، وعليه الفدية، وفديته على الترتيب والتعديل فعليه ذبح شاة فإن لم يجد يقوم الشاة بدراهم والدراهم يشتري بها طعاماً فيتصدق به، فإن عجز صام عن كل مد يوماً. ثم المحصر إن كان إحرامه بغرض قد


الصفحة التالية
Icon