وقال النبي ﷺ يوم فتح مكة: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن "، فنسب الدار إليه نسب ملك، واشترى عمر داراً للسجن بمكة بأربعة آلاف درهم، فدل على جواز بيعها. وهذا قول طاووس و عمرو بن دينار، وبه قال الشافعي. قوله عز وجل: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم " أي: في المسجد الحرام بإلحاد بظلم وهو الميل إلى الظلم، الباء في قوله ((بإلحاد)) زائدة كقوله: " تنبت بالدهن " (المؤمنون: ٢٠)، ومعناه من يرد فيه إلحاداً بظلم، قال الأعشى :(( ضمنت برزق عيالنا أرماحنا ))، أي: رزق عيالنا. وأنكر المبرد أن تكون الباء زائدة وقال: معنى الآية من تكن إرادته فيه بأن يلحد بظلم. واختلفوا في هذا الإلحاد، فقال مجاهد و قتادة : هو الشرك وعبادة غير الله. وقال قوم: هو كل شيء كان منهياً عنه من قول أو فعل حتى شتم الخادم. وقال عطاء : هو دخول الحرم غير محرم، أو ارتكاب شيء من محظورات الحرم، من قتل صيد، أو قطع شجر. وقال ابن عباس: هو أن تقتل فيه من لا يقتلك، أو تظلم فيه من لا يظلمك، وهذا معنى قول الضحاك.
وعن مجاهد أنه قال: تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات. وقال حبيب بن أبي ثابت: هو احتكار الطعام بمكة. وقال عبد الله بن مسعود في قوله: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم "، قال: لو أن رجلاً هم بخطيئة لم تكتب عليه، ما لم يعملها، ولو أن رجلاً ههم بقتل رجل بمكة وهو بعدن أبين، أو ببلد آخر أذاقه الله من عذاب أليم. وقال السدي : إلا أن يتوب. وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان له فسطاطان أحدهما في الحل والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الآخر، فسئل عن ذلك فقال: كنا نحدث أن من الإلحاد فيه أن يقول الرجل كلا والله، وبلى والله.