وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه جعل لرسوله والذين كانوا معه من أهل بيعة الرضوان فتحا قريبا من دون دخولهم المسجد الحرام، ودون تصديقه رؤيا رسول الله ﷺ وكان صلح الحُديبية وفتح خيبر دون ذلك، ولم يخصص الله تعالى ذكره خبره ذلك عن فتح من ذلك دون فتح، بل عمّ ذلك، وذلك كله فتح جعله الله من دون ذلك.
والصواب أن يعم كما عمه، فيقال: جعل الله من دون تصديقه رؤيا رسول الله ﷺ بدخوله وأصحابه المسجد الحرام محلّقين رؤوسهم ومقصّرين، لا يخافون المشركين صلح الحُديبية وفتح خيبر.
======================
قال تعالى :( لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ)( البلد: ١&٢)
تفسير الطبري :
يقول تعالى ذكره: أقسم يا محمد بهذا البلد الحرام، وهو مكة، وكذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
عن ابن عباس، في قوله: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ يعني: مكة.
عن مجاهد لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ قال: مكة.
عن منصور، عن مجاهد لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ قال: الحرام.
عن منصور، عن مجاهد لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ قال: مكة.
عن قتادة لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ قال: البلد مكة.
عن عطاء، في قوله: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ يعني: مكة.
قال ابن زيد، في قول الله: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ قال: مكة.
وقوله: وأنْتَ حِلّ بِهَذَا البَلَدِ يعني: بمكة يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأنت يا محمد حِلّ بهذا البلد، يعني بمكة يقول: أنت به حلال تصنع فيه مِن قَتْلِ من أردت قتلَه، وأَسْرِ من أردت أسره، مُطْلَقٌ ذلك لك يقال منه: هو حِلّ، وهو حلال، وهو حِرْم، وهو حرام، وهو مُحلّ، وهو محرم، وأحللنا، وأحرمنا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:


الصفحة التالية
Icon