قال الإمبراطور: هذا الذي تدّعونه في معجزات نبيّكم من انشقاق القمر، كيف هو عندكم؟
أجاب الباقلاني: هو صحيح عندنا، انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ حتى رأى الناس ذلك، وإنما رآه الحضور ومن اتفق نظره إليه في تلك الحال.
فقال الإمبراطور: وكيف لم يره جميع الناس؟
قال الباقلاني: لأن الناس لم يكونوا على أهبة وموعد لانشقاقه تلك الساعة.
فقال الإمبراطور: وهذا القمر بينكم وبينه نسبة وقرابة؟! لأيّ شئ لم تعرفه الروم وسائر الناس، ورأيتموه أنتم خاصّة؟!
قال الباقلاني: وهذه المائدة(٥٩) بينكم وبينها نسبة، وأنتم رأيتموها دون اليهود والمجوس وأهل الإلحاد، فإنهم كلهم منكرون لهذا الشأن، وأنتم رأيتموها دون غيركم؟!
ثم قال له: أتقول إن الخسوف إذن كان يراه جميع أهل الأرض، أم يراه أهل الإقليم الذي بمحاذاته؟
قال: لا يراه إلا من كان في محاذاته.
ثم قال له: ولكن مثل هذا الخبر يلزم أن ينقله الجمّ الغفير!
فأجاب: يلزمكم في نزول المائدة ما يلزمني في انشقاق القمر.
فبهت الملك ومن كان معه من النصارى في ذلك المجلس(٦٠).
ومما يروى في المناظرات مع النصارى كذلك ما ورد عن حاطب ابن أبي بلتعة(٦١) - رضي الله عنه - أنه لما دخل على المقوقس النصراني ملك الإسكندرية رسولا من رسول الله ﷺ يدعوه إلى الإسلام بكتاب النبي ﷺ فسأله المقوقس عن الحرب بين النبي ﷺ وبين قومه، فأخبره أنها بينهم سجال، فقال المقوقس يخاطب ابن أبي بلتعة:" أنبيّ الله يُغلب "؟! فقال حاطب:" أنبيّ الله يُصلب"؟!فكان هذا الجواب قطعاً للنصراني بما يعتقده في حق عيسى عليه السلام(٦٢).
خامساً: قتل المسلم بالكافر
في قوله تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحرّ بالحرّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ﴾ [البقرة: ١٧٨].


الصفحة التالية
Icon