في قوله تعالى: ﴿ ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه ﴾ [البقرة: ١٩١].
وقوله تعالى: ﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾ [آل عمران: ٩٧].
ذهب الحنفية إلى عدم جواز القتال في الحرم، وذهب جمهور العلماء إلى أن ذلك منسوخ بقوله تعالى: ﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ﴾ [التوبة: ٥]. وبقوله تعالى: ﴿ وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافّة ﴾ [التوبة: ٣٦].
وذكر القاضي ابن العربي في تفسيره مناظرة في هذه المسألة فيما يلي نصّها، قال ابن العربي: وقد حضرت في بيت المقدس طهّره الله بمدرسة أبي عتبة الحنفيّ(٩) والقاضي الرّيحاني(١٠) يلقي علينا الدرس في يوم الجمعة، فبينما نحن كذلك إذ دخل علينا رجل بهي المنظر على ظهره أطمار، فسلّم سلام العلماء، وتصدّر في صدر المجلس بمدارع(١١) الرّعاء، فقال له الرّيحاني: من السيّد؟ فقال له: رجل سلبه الشطّار(١٢) أمس، وكان مقصدي هذا الحرم المقدّس، وأنا رجل من أهل صاغان(١٣) من طلبة العلم، فقال القاضي مبادرا: سلوه، على العادة في إكرام العلماء بمبادرة سؤالهم. ووقعت القرعة على مسألة الكافر إذا التجأ إلى الحرم، هل يقتل فيه أم لا؟ فأفتى بأنه لا يقتل، فسئل عن الدليل، فقال: ﴿ ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه ﴾ [البقرة: ١١٩] قرئ ﴿ ولا تقتلوهم ﴾ (١٤)، ﴿ ولا تقاتلوهم ﴾، فإن قرئ ولا تقتلوهم فالمسألة نصّ، وإن قرئ ولا تقاتلوهم فهو تنبيه، لأنه إذا نهى عن القتال الذي هو سبب القتل كان دليلاً بيّناً ظاهراً على النهي عن القتل.