قال بعض رجال قريش: هذا عدد قليل فنحن قادرون على قتلهم، واحتلال الجنة بالقوة؛ لقلة القائمين على النار التي يزعم محمد ﷺ أنا سندخلها.
والله تعالى إنما يفعل ذلك اختبارا وابتلاء، وله الحكمة البالغة في ذلك كله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
قوله تعالى: ﴿وَرَعْدٌ﴾ ضرب الله المثل بالرعد لما في القرآن من الزواجر التي تقرع الآذان وتزعج القلوب. وذكر بعضا منها في آيات أخر كقوله: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً﴾ الآية [٤١/١٣]، وكقوله: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا﴾ [٤/٤٧]، وكقوله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [٣٤/٤٦].
وقد ثبت في صحيح البخاري في تفسير سورة الطور من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأ في المغرب بالطور. فلما بلغ هذه الآية ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ [٥٢/٣٥] ـ إلى قوله ـ: ﴿الْمُصَيْطِرُونَ﴾ [٥٢/٣٧]، كاد قلبي أن يطير. إلى غير ذلك من قوارع القرآن وزواجره، التي خوفت المنافقين حتى قال الله تعالى فيهم: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوّ﴾ [٦٣/٤]، والآية التي نحن بصددها، وإن كانت في المنافقين. فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
قوله تعالى: ﴿وَبَرْقٌ﴾ ضرب تعالى المثل بالبرق؛ لما في القرآن من نور الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة.
وقد صرح بأن القرآن نور يكشف الله به ظلمات الجهل والشك والشرك. كما تكشف بالنور الحسي ظلمات الدجى كقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً﴾ [٤/١٧٤]، وقوله: ﴿وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾، [٤٢/٥٢] وقوله: ﴿وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ﴾ [٧/١٥٧].
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾، قال بعض العلماء: ﴿مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ : أي مهلكهم، ويشهد لهذا القول قوله تعالى: ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ [١٢/٦٦]، أي تهلكوا عن آخركم. وقيل: تغلبوا. والمعنى متقارب؛ لأن الهالك لا يهلك حتى يحاط به من جميع الجوانب، ولم يبق له منفذ للسلامة ينفذ