الآية [٩/٩٢] قال: يعني وقلت: بالعطف بواو محذوفة وهو أحد احتمالات ذكرها ابن هشام في "المغني"، وجعل بعضهم منه: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ﴾ [٣/١٩]، على قراءة فتح همزة إن قال: هو معطوف بحرف محذوف على قوله: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [٣/١٨]، أي: وشهد أن الدين عند الله الإسلام وهو أحد احتمالات ذكرها صاحب "المغني" أيضا ومنه حديث: "تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاع بره من صاع تمره" يعني ومن درهمه ومن صاع إلخ.
حكاه الأشموني وغيره، والحديث المذكور أخرجه مسلم والإمام أحمد وأصحاب السنن ومن شواهد حذف حرف العطف قول الشاعر: [الخفيف]
كيف أصبحت كيف أمسيت مما | يغرس الود في فؤاد الكريم |
إن امرأ رهطه بالشام منزله | برمل يبرين جار شد ما اغتربا |
وقيل: الجملة الثانية صفة ثانية لا معطوفة وعليه فلا شاهد في البيت، وممن أجاز العطف بالحرف المحذوف الفارسي وابن عصفور خلافا لابن جني والسهيلي.
ولا شك أن في القرآن أشياء لا يعلمها إلا الله كحقيقة الروح؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ الآية [١٧/٨٥]، وكمفاتح الغيب التي نص على أنها لا يعلمها إلا هو بقوله: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ﴾ الآية [٦/٥٩].
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنها الخمس المذكورة في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ الآية [٣١/٣٤]. وكالحروف المقطعة في أوائل السور وكنعيم الجنة لقوله تعالى: ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ الآية [٣٢/١٧]، وفيه أشياء يعلمها الراسخون في العلم دون غيرهم كقوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [١٥/٩٣]، وقوله: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾ [٧/٦]، مع قوله: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ﴾ [٥٥/٣٩]، وقوله: ﴿وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [٢٨/٧٨]، وكقوله: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ [٤/١٧١]، والرسوخ والثبوت. ومنه قول الشاعر: [الطويل]