وذلك في قوله: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ [٤١/١٠]، ثم قال: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ الآية [٢/٢٩].
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ الآية في قوله: ﴿خَلِيفَةً﴾ وجهان من التفسير للعلماء:
أحدهما: أن المراد بالخليفة أبونا آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؛ لأنه خليفة الله في أرضه في تنفيذ أوامره. وقيل: لأنه صار خلفا من الجن الذين كانوا يسكنون الأرض قبله، وعليه فالخليفة: فعيلة بمعنى فاعل. وقيل: لأنه إذا مات يخلفه من بعده، وعليه فهو من فعيلة بمعنى مفعول. وكون الخليفة هو آدم هو الظاهر المتبادر من سياق الآية.
الثاني: أن قوله: ﴿خَلِيفَةً﴾ مفرد أريد به الجمع، أي خلائف، وهو اختيار ابن كثير. والمفرد إن كان اسم جنس يكثر في كلام العرب إطلاقه مرادا به الجمع كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ [٥٤/٥٤]؛ يعني وأنهار بدليل قوله: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ الآية [٤٧/١٥]. وقوله: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾ [٢٥/٧٤]، وقوله: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً﴾ [٤/٤]؛ ونظيره من كلام العرب قول عقيل بن علفة المري: [الوافر]

وكان بنو فزارة شرعم وكنت لهم كشر بني الأخينا
وقول العباس بن مرداس السلمي: [الوافر]
فقلنا اسلموا إنا أخوكم وقد سلمت من الإحن الصدور
وأنشد له سيبويه قول علقمة بن عبدة التميمي: [الطويل]
بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب
وقول الآخر: [الوافر]
كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإن زمانكم زمن خميص
وإذا كانت هذه الآية الكريمة تحتمل الوجهين المذكورين. فاعلم أنه قد دلت آيات أخر على الوجه الثاني، وهو أن المراد بالخليفة: الخلائف من آدم وبنيه لا آدم


الصفحة التالية
Icon