خلافه؛ ولأن الأحاديث الصحيحة الصريحة قاطعة بكثرة بتحريم نكاح المتعة، وصرح ﷺ بأن ذلك التحريم دائم إلى يوم القيامة، كما ثبت في "صحيح" مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه أنه غزا مع رسول الله ﷺ يوم فتح مكة.
فقال: "يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع في النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا".
وفي رواية لمسلم في حجة الوداع: ولا تعارض في ذلك؛ لإمكان أنه ﷺ قال ذلك يوم فتح مكة، وفي حجة الوداع أيضا والجمع واجب إذا أمكن، كما تقرر في علم الأصول وعلوم الحديث.
الثالث: أنا لو سلمنا تسليما جدليا أن الآية تدل على إباحة نكاح المتعة فإن إباحتها منسوخة كما صح نسخ ذلك في الأحاديث المتفق عليها عنه صلى الله عليه وسلم، وقد نسخ ذلك مرتين الأولى يوم خيبر كما ثبت في الصحيح، والآخرة يوم فتح مكة، كما ثبت في الصحيح أيضا.
وقال بعض العلماء: نسخت مرة واحدة يوم الفتح، والذي وقع في خيبر تحريم لحوم الحمر الأهلية فقط، فظن بعض الرواة أن يوم خيبر ظرف أيضا لتحريم المتعة.
واختار هذا القول ابن القيم، ولكن بعض الروايات الصحيحة، صريحة في تحريم المتعة يوم خيبر أيضا، فالظاهر أنها حرمت مرتين كما جزم به غير واحد، وصحت الرواية به. والله تعالى أعلم.
الرابع: أنه تعالى صرح بأنه يجب حفظ الفرج عن غير الزوجة والسرية في قوله تعالى: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [٢٣/٦]، في الموضعين، ثم صرح بأن المبتغى وراء ذلك من العادين بقوله: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾ الآية [٢٣/٧].
ومعلوم أن المستمتع بها ليست مملوكة ولا زوجة، فمبتغيها إذن من العادين بنص القرآن، أما كونها غير مملوكة فواضح، وأماكونها غير زوجة فلانتفاء لوازم الزوجية عنها كالميراث، والعدة، والطلاق، والنفقة، ولو كانت زوجة لورثت واعتدت ووقع عليها الطلاق ووجبت لها النفقة، كما هو ظاهر، فهذه الآية التي هي: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ


الصفحة التالية
Icon