واللؤلؤي وإبراهيم بن علية فقالوا: أن صلاة الخوف لم تشرع بعده ﷺ واحتجوا بمفهوم الشرط في قوله: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ﴾، ورد عليهم بإجماع الصحابة عليها بعده صلى الله عليه وسلم، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وعموم منطوق هذا الحديث مقدم على ذلك المفهوم.
تنبيه:
قد قررتم ترجيح أن آية: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾ [٤/١١٠]، في صلاة الخوف لا صلاة السفر، وإذن فمفهوم الشرط في قوله: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، يفهم منه أن صلاة الخوف لا تشرع في الحضر.
فالجواب: أن هذا المفهوم قال به ابن الماجشون، فمنع صلاة الخوف في الحضر، واستدل بعضهم أيضا لمنعها فيه بأن النبي ﷺ لم يصلها يوم الخندق، وفات عليه العصران وقضاهما بعد المغرب، وبأنه ﷺ لم يصلها إلا في سفر، وجمهور العلماء على أنها تصلى في الحضر أيضا، وأجابوا بأن الشرط لا مفهوم مخالفة له أيضا، لجريه على الغالب كما تقدم، أو لأنه نزل في حادثة واقعة مبينا حكمها.
كما روي عن مجاهد قال: كان النبي ﷺ وأصحابه بعسفان والمشركون بضجنان، فتوافقوا، فصلى النبي ﷺ بأصحابه صلاة تامة بركوعها وسجودها، فهم بهم المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم فنزلت، وهذه الحادثة وقعت وهم مسافرون ضاربون في الأرض، وقد تقرر في الأصول أن من موانع اعتبار مفهوم المخالفة كون المنطوق نازلا على حادثة واقعة، ولذا لم يعتبر مفهوم المخالفة في قوله: ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً﴾ [٢٤/٣٣]، ولا في قوله: ﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [٣/٢٨]؛ لأن كلا منهما نزل على حادثة واقعة:
فالأول: نزل في إكراه ابن أبي جواريه على الزنا، وهن يردن التحصن من ذلك.
والثاني: نزل في قوم من الأنصار والوا اليهود من دون المؤمنين، فنزل القرآن في كل منهما ناهيا عن الصورة الواقعة من غير إرادة التخصيص بها، وأشار إليه في "المراقي" بقوله في تعداد موانع اعتبار مفهوم المخالفة:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
أو امتنان أو وفاق الواقع والجهل والتأكيد عند السامع