أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته، وبه تعلم أن قول مالك في "الموطأ" لعل ذلك لعلة المطر غير صحيح.
وفي لفظ أكثر الروايات من غير خوف ولا سفر. وقد قدمنا أن هذا الجمع يجب حمله على الجمع الصوري لما تقرر في الأصول من أن الجمع واجب إذا أمكن، وبهذا الحمل تنتظم الأحاديث ولا يكون بينها خلاف، ومما يدل على أن الحمل المذكور متعين، ما أخرجه النسائي عن ابن عباس بلفظ: صليت مع النبي ﷺ الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، فهذا ابن عباس راوي حديث الجمع قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري، فرواية النسائي هذه صريحة في محل النزاع مبينة للإجمال الواقع في الجمع المذكور.
وقد تقرر في الأصول أن البيان بما سنده دون سند المبين جائز عند جماهير الأصوليين، وكذلك المحدثون وأشار إليه في "مراقي السعود" بقوله في مبحث البيان: [الرجز]
| وبين القاصر من حيث السند | أو الدلالة على ما يعتمد |
فالظاهر في الجواب والله تعالى أعلم، أنا لم ندع جزم أبي الشعثاء بذلك ورواية الشيخين عنه بالظن، والظن لا ينافي احتمال النقيض وذلك النقيض المحتمل هو مراده بعسى، والله تعالى أعلم.
ومما يؤيده الجمع المذكور على الجمع الصوري أن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم كلاهما ممن روى عنه الجمع المذكور بالمدينة مع أن كلا منهما روى عنه ما يدل على أن المراد بالجمع المذكور الجمع الصوري.
أما ابن مسعود فقد رواه عنه الطبراني، كما ذكره ابن حجر في "فتح الباري".