وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}، نهى الله تعالى المسلمين في هذه الآياة الكريمة عن الوهن، وهو الضعف فى طلب أعدائهم الكافرين وأخبرهم بأنهم إن كانوا يجدون الألم من القتل والجراح فالكفار كذلك، والمسلم يرجوا من الله من الثواب والرحمة ما لا يرجوه الكافر، فهو أحق باصبر على الآلام منه، وأوضح هذا المعنى في آيات متعددة كقوله: ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾ [٣/١٣٩، ١٤٠]، وكقوله: ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ [٤٧/٣٥]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ﴾، ذكر في هذه الآية أن من فعل ذنبا فإنه إنما يضر به خصوص نفسه لا غيرها، وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله: ﴿وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [٦/١٦٤]، وقوله: ﴿وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ [٤١/٤٦]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾ الآية، ذكر في هذه الآية الكريمة أنه علم نبيه ﷺ ما لم يكن يعلمه، وبين في مواضع أخر أنه علمه ذلك عن طريق هذا القرآن العظيم الذي أنزله عليه، كقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ الآية [٤٢/٥٢]، وقوله: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [١٢/٣]، الى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ﴾ الآية، ذكر في هذه الآية الكريمة أن كثيرا من مناجاة الناس فيما بينهم لا خير فيه.
ونهى في موضع آخر عن التناجي بما لا خير فيه، وبين أنه من الشيطان ليحزن به المؤمنين، وهو قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [٥٨/١٠، ٩].
وقوله في هذه الآية الكريمة: ﴿أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾، لم يبين هنا هل المراد بالناس المسلمون دون الكفار أو لا.


الصفحة التالية
Icon