قوله تعالى: ﴿وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً﴾، بين هنا فيما ذكر عن الشيطان كيفية اتخاذه لهذا النصيب المفروض، بقوله: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [٤/١١٩]، والمراد بتبتيك آذان الأنعام شق أذن البحيرة مثلا وقطعها ليكون ذلك سمة وعلامة لكونها بحيرة أو سائبة، كما قاله قتادة والسدي وغيرهما، وقد أبطله تعالى بقوله: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ﴾ الآية [٥/١٠٣]، والمراد ببحرها شق أذنها كما ذكرنا، والتبتيك في اللغة: التقطيع، ومنه قول زهير: [البسيط]
| حتى إذا ما هوت كف الوليد لها | طارت وفي كفه من ريشها بتك |
له، وهي قوله: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾ الآية [٣٤/٢٠]، ولم يبين هنا الفريق السالم من كونه من نصيب إبليس، ولكنه بينه في مواضع أخر كقوله: ﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [١٥/٣٩/٤٠]، وقوله: ﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [١٦/١٠٠]، إلى غير ذلك من الآيات ولم يبين هنا هل نصيب إبليس هذا هو الأكثر أو لا، ولكنه بين في مواضع أخر أنه هو الأكثر، كقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [١٣/١]، وقوله: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [١٢/١٠٣]، وقوله: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ﴾ [٦/١١٦]، وقوله: ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [٣٧/٧١]. وقد ثبت في الصحيح أن نصيب الجنة واحد من الألف والباقي في النار.
قوله تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾.
قال بعض العلماء: معنى هذه الآية أن الشيطان يأمرهم بالكفر وتغيير فطرة