اللَّهُ}، أي: كافيك، وكافي من اتبعك من المؤمنين، وأجاز ابن القيم والقرطبي في قوله: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَكَ﴾، أن يكون منصوبا معطوفا على المحل؛ لأن الكاف مخفوض في محل نصب ونظيره قول الشاعر: [الطويل]

إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا فحسبك والضحاك سيف مهند
بنصب الضحاك كما ذكرنا، وجعل بعض العلماء منه قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [١٥/٢٠]، فقال: ﴿وَمَنْ﴾ عطف على ضمير الخطاب في قوله: ﴿لَكُمْ﴾ وتقرير المعنى عليه، وجعلنا لكم ولمن لستم له برازقين فيها معايش، وكذلك إعراب ﴿وَمَا يُتْلَى﴾ بأنه مبتدأ خبره محذوف أو خبره في الكتاب، وإعرابه منصوبا على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره، ويبين لكم ما يتلى، وإعرابه مجرورا على أنه قسم، كل ذلك غير ظاهر.
وقال بعض العلماء: إن المراد بقوله: ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾ [٤/١٢٧]، آيات المواريث؛ لأنهم كانوا لا يورثون النساء فاستفتوا رسول الله ﷺ في ذلك، فأنزل الله آيات المواريث.
وعلى هذا القول، فالمبين لقوله: ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾، هو قوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ﴾ الآيتين [٤/١١]. وقوله في آخر السورة: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ﴾ [٤/١٧٦]، والظاهر أن قول أم المؤمنين أصح وأظهر.
تنبيه:
المصدر المنسبك من "أن" وصلتها في قوله: ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾، أصله مجرور بحرف محذوف، وقد قدمنا الخلاف هل هو "عن"، وهو الأظهر، أو هو "في" وبعد حذف حرف الجر المذكور فالمصدر في محل نصب على التحقيق، وبه قال الكسائي والخليل: وهو الأقيس لضعف الجار عن العمل محذوفا.
وقال الأخفش: هو في محل جر بالحرف المحذوف بدليل قول الشاعر: [الطويل]
وما زرت ليلى أن تكون حبيبة إلي ولا دين بها أنا طالبه
بجر "دين" عطفا على محل "أن تكون" أي: لكونها حبيبة ولا لدين، ورد أهل القول الأول الاحتجاج بالبيت بأنه من عطف التوهم، كقول زهير: [الطويل]


الصفحة التالية
Icon