لضرورة الشعر خاصة، وأنه غير مسموع في العطف، وأنه لم يجز إلا عند أمن اللبس، فهو مردود بأن أئمة اللغة العربية صرحوا بجوازه.
وممن صرح به الأخفش، وأبو البقاء، وغير واحد.
ولم ينكره إلا الزجاج، وإنكاره له -مع ثبوته في كلام العرب، وفي القرآن العظيم- يدل على أنه لم يتتبع المسألة تتبعاً كافياً.
والتحقيق: أن الخفض بالمجاورة أسلوب من أساليب اللغة العربية، وأنه جاء في القرآن لأنه بلسان عربي مبين.
فمنه في النعت قول امرىء القيس:[الطويل]

كأن ثبيرا في عرانين ودقه كبير أناس في بجاد مزمل
بخفض "مزمل" بالمجاورة، مع أنه نعت "كبير" المرفوع بأنه خبر "كأن" وقول ذي الرمة: [البسيط]
تريك سنة وجه غير مقرفة ملساء ليس بها خال ولا ندب
إذ الرواية بخفض "غير"، كما قاله غير واحد للمجاورة، مع أنه نعت "سنة" المنصوب بالمفعولية.
ومنه في العطف قول النابغة: [البسيط]
لم يبق إلا أسير غير منفلت وموثق في حبال القد مجنوب
بخفض "موثق" لمجاورته المخفوض، مع أنه معطوف على "أسير" المرفوع بالفاعلية.
وقول امرىء القيس: [الطويل]
وظل طهاة اللحم ما بين منضج صفيف شواء أو قدير معجل
بجر "قدير" لمجاورته للمخفوض، مع أنه عطف على "صفيف" المنصوب بأنه مفعول اسم الفاعل الذي هو "منضج" والصفيف: فعيل بمعنى مفعول وهو المصفوف من اللحم على الجمر لينشوي، والقدير: كذلك فعيل بمعنى مفعول، وهو المجعول في القدر من اللحم لينضج بالطبخ.


الصفحة التالية
Icon