مسلم وغيره أنه ﷺ إنما سمل أعينهم قصاصاً، لأنهم سملوا أعين رعاة اللقاح، وعقده البدوي الشنقيطي في مغازيه بقوله:[الرجز]
وبعدها أنتهبها الألى انتهوا | لغاية الجهد وطيبة اجتووا |
فخرجوا فشربوا ألبانها | ونبذوا إذ سمنوا أمانها |
فاقتص منهم النبي أن مثلوا | بعبده ومقلتيه سملوا |
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ الآية.
اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد ﷺ بإخلاص في ذلك لله تعالى، لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة.
وأصل الوسيلة: الطريق التي تقرب إلى الشيء، وتوصل إليه وهي العمل الصالح بإجماع العلماء، لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالآيات المبينة للمراد من الوسيلة كثيرة جداً كقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [٥٩/٧]، وكقوله: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ [٣/٣١]، وقوله: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [٢٤/٥٤]، إلى غير ذلك من الآيات.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بالوسيلة الحاجة، ولما سأله نافع الأزرق هل تعرف العرب ذلك؟ أنشد له بيت عنترة:[الكامل]
إن الرجال لهم إليك وسيلة | إن يأخذوك تكحلي وتخضبي |