على أن ليس عدلاً من كليب | إذا برزت مخبأة الخدور |
على أن ليس عدلاً من كليب | إذا اضطرب العضاه من الدبور |
على أن ليس عدلاً من كليب | غداة بلابل الأمر الكبير |
ومن الثاني قوله تعالى: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً﴾ [٥/٩٥]؛ لأن المراد نظير الإطعام من الصيام، وليس من جنسه، وقوله: ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ﴾ [٦/٧٠]، وقوله: ﴿وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾ [٢/١٢٣]، والعدل: الفداء، لأنه كأنه قيمة معادلة للمفدي تؤخذ بدله قوله تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾ الآية [٦/٣]، في هذه الآية الكريمة ثلاثة أوجه للعلماء من التفسير وكل واحد منها لا مصداق في كتاب الله تعالى:
الأول: أن المعنى، ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ﴾، أي وهو الإله المعبود في السماوات والأرض، لأنه جل وعلا هو المعبود وحده بحق في الأرض والسماء، وعلى هذا فجملة ﴿يَعْلَمُ﴾ حال، أو خبر وهذا المعنى يبينه، ويشهد له قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾ [٤٣/٨٤]، أي: وهو المعبود في السماء والأرض بحق، ولا عبرة بعبادة الكافرين غيره، لأنها وبال عليهم يخلدون بها في النار الخلود الأبدي، ومعبوداتهم ليست شركاء لله سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً، ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [٥٣/٢٣] وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ [١٠/٦٦].
وهذا القول في الآية أظهر الأقوال، واختاره القرطبي.
الوجه الثاني: أن قوله: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ﴾ [٦/٣]، يتعلق بقوله: ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ﴾، أي: وهو الله يعلم سركم في السماوات وفي الأرض ويبين هذا القول ويشهد له قوله تعالى: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية [٢٥/٦].
قال النحاس: وهذا القول من أحسن ما قيل في الآية نقله عنه القرطبي.