ويعقوب عليه السلام ابيضت عيناه من الحزن على يوسف، وهو في مصر لا يدري خبره حتى أظهر الله خبر يوسف.
وسليمان عليه السلام مع أن الله سخر له الشياطين والريح ما كان يدري عن أهل مأرب قوم بلقيس حتى جاءه الهدهد، وقال له: ﴿أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ﴾ الآيات [٢٧/٢٢].
ونوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ما كان يدري أن ابنه الذي غرق ليس من أهله الموعود بنجاتهم حتى قال: ﴿رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ﴾ الآية [١١/٤٥]، ولم يعلم حقيقة الأمر حتى أخبره الله بقوله: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [١١/٤٦].
وقد قال تعالى عن نوح في سورة هود: ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ [٦/٥٠]، والملائكة عليهم الصلاة والسلام لما قال لهم: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ [٢/٣٢، ٣١].
فقد ظهر أن أعلم المخلوقات وهم الرسل، والملائكة لا يعلمون من الغيب إلا ما علمهم الله تعالى، وهو تعالى يعلم رسله من غيبه ما شاء، كما أشار له بقوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [٣/١٧٩]، وقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ الآية [٧٢/٢٧، ٢٦].
تنبيه:
لما جاء القرآن العظيم بأن الغيب لا يعلمه إلا الله كان جميع الطرق التي يراد بها التوصل إلى شيء من علم الغيب غير الوحي من الضلال المبين، وبعض منها يكون كفراً.
ولذا ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: " من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً"، ولا خلاف بين العلماء في منع العيافة والكهانة والعرافة، والطرق والزجر، والنجوم وكل ذلك يدخل في الكهانة، لأنها تشمل جميع أنواع ادعاء الإطلاع على علم الغيب.
وقد سئل ﷺ عن الكهان فقال: "ليسوا بشيء".


الصفحة التالية
Icon