أو بيانه، حاشاه من ذلك، وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [٥/٣]، ومن كمال الدين كونه لم يأخذ من الخضراوات شيئاً. وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيما رواه الدارقطني: إن المقاثىء كانت تكون عندنا تخرج عشرة آلاف فلا يكون فيها شيء. وقال الزهري والحسن: تزكى أثمان الخضر إذا أينعت وبلغ الثمن مائتي درهم، وقاله الأوزاعي في ثمن الفواكه، ولا حجة في قولهما لما ذكرنا.
وقد روى الترمذي عن معاذ: أنه كتب إلى النبي ﷺ يسأله عن الخضراوات وهي البقول فقال: "ليس فيها شيء" وقد روي هذا المعنى عن جابر وأنس وعلي ومحمد بن عبد الله بن جحش وأبي موسى وعائشة: ذكر أحاديثهم الدارقطني رحمه الله وقال الترمذي ليس يصح في هذا الباب عن النبي ﷺ شيء، واحتج بعض أصحاب أبي حنيفة رحمه الله بحديث صالح بن موسى عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما أنبتت الأرض من الخضر زكاة" قال أبو عمر: وهذا حديث لم يروه من ثقات أصحاب منصور أحد هكذا، وإنما هو من قول إبراهيم.
قلت وإذا سقط الإستدلال من جهة السنة لضعف أسانيدها لم يبق إلا ما ذكرناه من تخصيص عموم الآية، وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء العشر" بما ذكرنا اهـ. كلام القرطبي.
وحجة من قال: بأنه لا زكاة في غير الأربعة المجمع عليها التي هي الحنطة والشعير والتمر والزبيب هي الأحاديث التي قدمنا في أول هذا المبحث، وفيها حديث معاذ وأبي موسى الذي تقدم عن البيهقي أنه قوي متصل. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس في شيء من الخضر زكاة إلا ما كانت له ثمرة باقية، سوى الزعفران ونحوه مما يوزن ففيه الزكاة وكان محمد يعتبرفي العصفر، والكتان البزر. فإذا بلغ بزرهما من القرطم والكتاب خمسة أوسق. كان العصفر والكتان تبعاً للبزر وأخذ منه العشر أو نصف العشر، وأما القطن فليس عنده فيما دون خمسة أحمال شيء، والحمل ثلاثمائة من بالعراقي، والورس والزعفران ليس فيما دون خمسة أمنان منهما شيء. فإذا بلغ أحدهما خمسة أمنان كانت فيه الصدقة، وقال أبو يوسف وكذلك قصب السكر الذي يكون منه السكر، ويكون في أرض العشر دون أرض الخراج فيه ما في الزعفران، وأوجب عبد الملك بن الماجشون الزكاة في أصول الثمار دون البقول، وهو مخالف لما عليه أهل مذهبه مالك وأصحابه. قاله القرطبي.


الصفحة التالية
Icon