نتائجه السيئة، وعواقبه الوخيمة، ويفهم من مفهوم المخالفة في الآية: أن المتواضع لله جل وعلا يرفعه الله.
وقد أشار تعالى إلى مكانة المتواضعين له عنده في مواضع أخر كقوله: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً﴾ [٢٥/٦٣]، وقوله: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [٢٨/٨٣] وقد صح عنه ﷺ أنه قال: "إنه أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد"، وقد قال الشاعر: "الطويل"

تواضع تكن كالبدر تبصر وجهه على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه إلى صفحات الجو وهو وضيع
وقال أبو الطيب المتنبي: "الوافر"
ولو لم يعل إلا ذو محل تعالى الجيش وانحط القتام
قوله تعالى: ﴿قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾، لم يبين هنا في سورة الأعراف الغاية التي أنظره إليها، وقد ذكرها في "الحجر" و "ص"، مبيناً أن غاية ذلك الإنظار هو يوم الوقت المعلوم؛ لقوله: في سورة "الحجر" و "ص" ﴿قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [/٨٠] فقد طلب الشيطان الإنظار إلى يوم البعث، وقد أعطاه الله الإنظار إلى يوم الوقت المعلوم.
وأكثر العلماء يقولون: المراد به وقت النفخة الأولى، والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾، هذا الذي ذكر إبليس أنه سيوقع بني آدم فيه قاله ظناً منه أنهم سيطيعونه فيما يدعوهم إليه حتى يهلكهم، وقد بين تعالى في سورة "سبأ" أن ظنه هذا صدق فيهم بقوله ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ﴾ الآية [٣٤/٢٠]، كما تقدمت الإشارة إليه.
قوله تعالى: ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾، بين في هذه الآية الكريمة أنه قال لإبليس: أخرج منها في حال كونك مذءوماً مدحوراً، والمذءوم: المعيب أو الممقوت، والمدحور: المبعد عن الرحمة، المطرود، وأنه أوعده بملء جهنم منه، وممن تبعه. وأوضح هذا المعنى في آيات أخر، كقوله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ


الصفحة التالية
Icon