وزنه "فعنل" فالنون المضعفة زائدة، وأصل المادة: الجيم والهاء والميم؛ من تجهم إذا عبس وجهه؛ لأنها تلقاهم بوجه متجهم عابس، وتتجهم وجوههم وتعبس فيها لما يلاقون من ألم العذاب.
ومنه قوله مسلم بن الوليد الأنصاري: "الطويل"

شكوت إليها حبها فتبسمت ولم أر شمساً قبلها تتبسم
فقلت لها جودي فأبدت تجهما لتقتلني يا حسنها إذ تجهم
وتقول العرب: جهمه إذا استقبله بوجه كريه مجتمع، ومنه قول عمرو بن الفضفاض الجهني: "الطويل"
ولا تجهمينا أم عمرو فإنما بنا داء ظبي لم تخنه عوامله
وقال بعض العلماء جهنم فارسي معرب، والأصل كهنام وهو بلسانهم: النار، فعربته العرب وأبدلوا الكاف جيماً.
قوله تعالى: ﴿فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً﴾، إلى قوله: ﴿الْخَالِفِينَ﴾، عاقب الله في هذه الآية الكريمة: المتخلفين عن غزوة تبوك بأنهم لا يؤذن لهم في الخروج مع نبيه، ولا القتال معه ﷺ لأن شؤم المخالفة يؤدي إلى فوات الخير الكثير.
وقد جاء مثل هذا في آيات أخر، كقوله: ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ﴾ [٤٨/١٥]، إلى قوله: ﴿كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ﴾، وقوله: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ الآية [٦/١١٠]، إلى غير ذلك من الآيات؛ والخالف هو الذي يتخلف عن الرجال في الغزو فيبقى مع النساء والصبيان، ومنه قول الشنفرى: "الطويل"
ولا خالف داريه متربب يروح ويغدو داهنا يتكحل
قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾، ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة، أنه إذا أنزل سورة فيها الأمر بالإيمان، والجهاد مع نبيه صلى الله عليه وسلم، استأذن الأغنياء من المنافقين في التخلف عن الجهاد مع القدرة عليه، وطلبوا النَّبي ﷺ أن يتركهم مع القاعدين المتخلفين عن الغزو.
وبين في موضع آخر أن هذا ليس من صفات المؤمنين، وأنه من صفات الشاكين


الصفحة التالية
Icon