فقال بعض العلماء: معنى ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ [١١/٥] يزورون عن الحق، وينحرفون عنه؛ لأن من أقبل على الشيء استقبله بصدره، ومن ازور عنه وانحرف ثنى عنه صدره، وطوى عنه كشحه. بهذا فسره الزمخشري في الكشاف.
قال مقيده عفا الله عنه: وهذا المعنى معروف في كلام العرب، فهم يعبرون باعوجاج الصدر عن العدول عن الشيء والميل عنه، ويعبرون بإقامة الصدر عن القصد إلى الشيء وعدم الميل عنه.
فمن الأول قوله، ذي الرمة غيلان بن عقبة العدوي عدي الرباب:
خليلي عوجا بارك الله فيكما | على دارمي من صدور الركائب |
تكن عوجة يجزيكما الله عنده | بها الأجر أو تقضي ذمامة صاحب |
ومن الثاني قول الشنفرى:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم | فإني إلى قوم سواكم لأميل |
أقول لأم زنباع أقيمي | صدور العيش شطر بني تميم |
كان حلو المنطق، يلقى رسول الله ﷺ بما يحب وينطوي له بقلبه على ما يسوء.
وقيل: نزلت في بعض المنافقين، كان إذا مر بالنَّبي ﷺ ثنى صدره وظهره، وطوطأ رأسه وغطى وجهه لكيلا يراه النَّبي ﷺ فيدعوه إلى الإيمان، حكى معناه عن عبد الله بن شداد.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت في قوم كانوا يكرهون أن يجامعوا أو يتغوطوا وليس بينهم وبين السماء حجاب، يستحيون من الله.
وقال بعض العلماء: معنى ﴿يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾ [١١/٥] يغطون رؤوسهم لأجل كراهتهم استماع كلام الله، كقوله تعالى عن نوح: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾ الآية [٧١/٧].
وقيل: كانوا إذا عملوا سوءاً ثنوا صدورهم وغطوا رؤوسهم، يظنون أنهم إن فعلوا