والشهود.
أما حزم يوسف بأنه بريء من تلك المعصية فذكره تعالى في قوله: ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ الآية [١٢/٢٦]. وقوله: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ [١٢/٣٣].
وأما اعتراف المرأة بذلك ففي قولها للنسوة: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ [١٢/٣٢]، وقولها: ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [١٢/٥١].
وأما اعتراف زوج المرأة، ففي قوله: ﴿قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [١٢/٢٨، ٢٩].
وأما اعتراف الشهود بذلك ففي قوله: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ الآية [١٢/٢٦].
وأما شهادة الله جل وعلا ببراءته، ففي قوله: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [١٢/٢٤].
قال الفخر الرازي في "تفسيره": قد شهد الله تعالى في هذه الآية الكريمة على طهارته أربع مرات:
أولها: ﴿لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ﴾ واللام للتأكيد والمبالغة.
والثاني: قوله: ﴿وَالْفَحْشَاءَ﴾، أي: وكذلك لنصرف عنه الفحشاء.
والثالث: قوله: ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا﴾، مع أنه تعالى قال: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً﴾ [٢٥/٦٣].
والرابع: قوله: ﴿الْمُخْلَصِينَ﴾، وفيه قراءتان: قراءة باسم الفاعل. وأخرى باسم المفعول.
فوروده باسم الفاعل يدل على كونه آتياً بالطاعات والقربات مع صفة الإخلاص.
ووروده باسم المفعول يدل على أن الله تعالى استخلصه لنفسه، واصطفاه لحضرته. وعلى كلا الوجهين فإنه من أدل الألفاظ على كونه منزهاً عما أضافوه إليه. اهـ من تفسير الرازي.
ويؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [١٢/٢٣].