إلا المقبرة والحمام"، قال ابن حجر في فتح الباري في الكلام على قول البخاري باب كراهية الصلاة في المقابر، في حديث أبي سعيد هذا رواه أبو داود والترمذي ورجاله ثقات، لكن اختلف في وصله إرساله، وحكم مع ذلك بصحته الحاكم وابن حبان، وقال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار، صححه الحاكم في المستدرك وابن حزم الظاهري، وأشار ابن دقيق العيد إلى صحته.
قال مقيده عفا الله عنه: التحقيق أن الحديث إذا اختلف في وصله وإرساله، وثبت موصولاً من طريق صحيحه حكم بوصله، ولا يكون الإرسال في الرواية الأخرى علة فيه؛ لأن الوصل زيادة وزيادات العدل مقبولة؛ وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود:
والرفع والوصل وزيد اللفظ | مقبولة عند إمام الحفظ |
ومن أدلتهم أيضاً ما رواه الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: انتهى رسول الله ﷺ إلى قبر رطب فصلى عليه وصفوا خلفه وكبر أربعاً.
ومن أدلتهم أيضاً ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن النَّبي ﷺ صلى على قبر.
ومن أدلتهم ما قدمنا من الصلاة على عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما وسط البقيع، وهذه الأدلة يستدل بها على جواز الصلاة إلى القبور وصحتها؛ لا مطلق صحتها دون الجواز.
ومن أدلتهم ما ذكره البخاري تعليقاً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلفظ: ورأى عمر أنس بن مالك رضي الله عنه يصلي عند قبر؛ فقال: القبر القبر ولم يأمره بالإعادة اهـ. وقال ابن حجر في الفتح: أثر عمر الدال على أن النهي في ذلك لا يقتضي فساد الصلاة، والأثر المذكور عن عمر رويناه موصولاً في كتاب الصلاة لأبي