الله عنه: فكان فيه ما أقول لكم: قبور المشركين، وفيه خرب، وفيه نخل، فأمر النَّبي ﷺ بقبور المشركين فنبشب، ثم بالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، فصفوا النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه الحجارة... ، الحديث، هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم قريب منه بمعناه، فقبور المشركين لا حرمة لها، ولذلك أمر ﷺ بنبشها وإزالة ما فيها، فصار الموضع كأن لم يكن فيه قبر أصلاً لإزالته بالكلية، وهو واضح كما ترى اهـ.
والتحقيق الذي لا شك فيه: أنه لا يجوز البناء على القبور ولا تجصيصها؛ كما رواه مسلم في صحيحه وغيره عن أبي الهياج الأسدي: أن علياً رضي الله عنه قال له: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ألا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
ولما ثبت في صحيح مسلم وغيره أيضاً عن جابر رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله ﷺ أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
فهذا النهي ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وقد قال: "وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه"، وقال جل وعلا: ﴿وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [٥٩/٧].
وقد تبين مما ذكرنا حكم الصلاة في مواضع الخسف، وفي المقبرة، وإلى القبر، وفي الحمام.
وأما أعطان الإبل فقد ثبت عن النَّبي ﷺ أيضاً النهي عن الصلاة فيها، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا توضأ"، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم توضأ من لحوم الإبل" قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: "نعم"، قال: أصلي في مبارك الإبل: قال: "لا" هذا لفظ مسلم في صحيحه.
وأخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه، وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: "صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل".
وأخرج النسائي والبيهقي وابن ماجه من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، أن النَّبي ﷺ نهى عن الصلاة في أعطان الإبل.
وقال النووي في شرح المهذب: إن الإسناد الذي أخرجه به البيهقي حسن، وأخرج أبو داود في سننه في "باب الوضوء من لحوم الإبل، وفي باب النهي عن الصلاة في مبارك