[٢٣/١١٥، ١١٦]، وقوله: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ [٥٣/٣١]، وقوله: ﴿أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى﴾ [٧٥/٣٦، ٣٧]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ﴾، ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الساعة آتية، وأكد ذلك بحرف التوكيد الذي هو ﴿إِنَّ﴾، وبلام الابتداء التي تزحلقها إن المكسورة عن المبتدأ إلى الخبر، وذلك يدل على أمرين، أحدهما: إتيان الساعة لا محالة،
والثاني: أن إتيانها أنكره الكفار؛ لأن تعدد التوكيد يدل على إنكار الخبر، كما تقرر في فن المعاني.
وأوضح هذين الأمرين في آيات أخر، فبين أن الساعة آتية لا محالة في مواضع كثيرة؛ كقوله: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ [٢٠/١٥]، وقوله: ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [٢٢/٧]، وقوله: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا...﴾ الآية[٢٢/١، ٢]، وقوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ﴾ الآية [٤٥/٣٢]، وقوله: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [٣٠/١٢]، وقوله: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ﴾ [٣٠/٥٥]، وقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾ [٧/١٨٧]، والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً.
وبين جل وعلا إنكار الكفار لها في مواضع أخر، كقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ [٣٤/٣]، وقوله: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا﴾ [٦٤/٧]، وقوله: ﴿إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ﴾ [٤٤/٣٤، ٣٥]، والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً.
قوله تعالى: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾، أمر الله جل وعلا نبيه عليه الصلاة والسلام في هذه الآية الكريمة أن يصفح عمن أساء الصفح الجميل؛ أي: بالحلم والإغضاء، وقال علي وابن عباس: الصفح الجميل: الرضا بغير عتاب. وأمره ﷺ يشمل حكمه الأمة؛ لأنه قدوتهم والمشرع لهم. وبين تعالى ذلك المعنى في مواضع أُخر؛ كقوله: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [٤٣/٨٩]، {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ


الصفحة التالية
Icon