قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} [٣٨/١٦]، وقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [١٠/٥٠]، إلى غير ذلك من الآيات.
والضمير في قوله: ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [١٦/١] في تفسيره وجهان:
أحدهما: أنه العذاب الموعد به يوم القيامة، المفهوم من قوله: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ [١٦/١].
والثاني: أنه يعود إلى الله؛ أي: لا تطلبوا من الله أن يعجل لكم العذاب؛ قال معناه ابن كثير.
وقال القرطبي في تفسيره: قال ابن عباس: لما نزلت ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [٥٤/١]، قال الكفار: إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت! فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون، فأمسكوا فانتظروا فلم يروا شيئاً، فقالوا: ما نرى شيئاً! فنزلت ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ الآية [٢١/١]، فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة؛ فامتدت الأيام فقالوا: ما نرى شيئاً، فنزلت ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ [١٦/١]، فوثب رسول الله ﷺ والمسلمون وخافوا، فنزلت ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾، فاطمأنوا، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين" وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها، اهـ محل الغرض من كلام القرطبي، وهو يدل على أن المراد بقوله ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾، أي: لا تظنوه واقعاً الآن عن عجل، بل هو متأخر إلى وقته المحدد له عند الله تعالى.
وقول الضحاك ومن وافقه: إن معنى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾، أي: فرائضه وحدوده، قول مردود ولا وجه له، وقد رده الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره قائلاً: إنه لم يبلغنا أن أحداً من أصحاب رسول الله ﷺ استعجل فرائض قبل أن تفرض عليهم، فيقال لهم من أجل ذلك: قد جاءتكم فرائض الله فلا تستعجلوها، أما مستعجلوا العذاب من المشركين فقد كانوا كثيراً اهـ.
والظاهر المتبادر من الآية الكريمة: أنها تهديد للكفار باقتراب العذاب يوم القيامة مع نهيهم عن استعجاله.
قال ابن جرير في تفسيره: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو تهديد من الله لأهل الكفر به وبرسوله، وإعلام منه لهم قرب العذاب منهم والهلاك، وذلك