﴿لَكُمْ﴾.
وفي الآية أوجه أخرى ذكرها بعض العلماء تركنا ذكرها لعدم اتجاهها عندنا، والعلم عند الله تعالى.
وقوله في هذه الآية الكريمة: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ﴾ [١٦/٦]، يعني: أن اقتناء هذه الأنعام وملكيتها فيه لمالكها عند الناس جمال؛ أي: عظمة ورفعة، وسعادة في الدنيا لمقتنيها، وكذلك قال في الخيل والبغال والحمير: ﴿لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [١٦/٨]، فعبر في الأنعام بالجمال، وفي غيرها بالزينة، والجمال: مصدر جمل فهو جميل وهي جميلة، ويقال أيضاً: هي جملاء؛ وأنشد لذلك الكسائي قول الشاعر:

فهي جملاء كبدر طالع بذت الخلق جميعاً بالجمال
والزينة: ما يتزين به، وكانت العرب تفتخر بالخيل والإبل ونحو ذلك؛ كالسلاح، ولا تفتخر بالبقر والغنم، ويدل لذلك قول العباس بن مرداس يفتخر بمآثر قبيلته بني سليم:
واذكر بلاء سليم في مواطنها ففي سليم لأهل الفخر مفتخر
قوم هم نصروا الرحمن واتبعوا دين الرسول وأمر الناس مشتجر
لا يغرسون فسيل النخل وسطهم ولا تخاور في مشتاهم البقر
إلا سوابح كالعقبان مقربة في دارة حولها الأخطار والعكر
والسوابح: الخيل، والمقربة: المهيأة المعدة قريباً، والأخطار: جمع خطر، بفتح فسكون، أو كسر فسكون، وهو عدد كثير من الإبل على اختلاف في قدره، والعكر، بفتحتين: جمع عكرة، وهي القطيع الضخم من الإبل أيضاً على اختلاف في تحديد قدره. وقول الآخر:
لعمري لقوم قد ترى أمس فيهم مرابط للأمهار والعكر الدثر
أحب إلينا من أناس بقنة يروح على آثار شائهم النمر
وقوله: العكر الدثر، أي: المال الكثير من الإبل. وبدأ بقوله: ﴿حِينَ تُرِيحُونَ﴾ [١٦/٦]؛ لأنها وقت الرواح أملأ ضروعاً وبطوناً منها وقت سراحها للمرعى.
وأظهر أوجه الإعراب في قوله: ﴿وَزِينَةً﴾ [١٦/٨]، أنه مفعول لأجله، معطوف على ما قبله؛ أي: لأجل الركوب والزينة.
قوله تعالى: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه


الصفحة التالية
Icon