صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله | وعرى أفراس الصبا ورواحله |
وأقصرت عما تعلمين وسددت | علي سوى قصد السبيل معادله |
ومن الطريقة جائر وهدى | قصد السبيل ومنه ذو دخل |
الأول منهما: أن معنى ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾: أن طريق الحق التي هي قصد السبيل على الله، أي: موصلة إليه، ليست حائدة، ولا جائرة عن الوصول إليه وإلى مرضاته، ﴿وَمِنْهَا جَائِرٌ﴾ أي: من الطريق جائر لا يصل إلى الله، بل هو زائغ وحائد عن الوصول إليه، ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [٦/١٥٣]، وقوله: ﴿وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ [٣٦/٦١].
ويؤيد هذا التفسير قوله بعده: ﴿وَمِنْهَا جَائِرٌ﴾، وهذا الوجه أظهر عندي، واستظهره ابن كثير وغيره، وهو قول مجاهد.
الوجه الثاني: أن معنى الآية الكريمة: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ [١٦/٩]، أي: عليه جل وعلا أن يبين لكم طريق الحق على ألسنة رسله.
ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [٤/١٦٥]، وقوله: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [١٧/١٥]، وقوله: ﴿فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ [٦٤/١٢]، إلى غير ذلك من الآيات.
وعلى هذا القول، فمعنى قوله: ﴿وَمِنْهَا جَائِرٌ﴾ [١٦/٩]، غير واضح؛ لأن المعنى: ومن الطريق جائر عن الحق، وهو الذي نهاكم الله عن سلوكه. والجائر: المائل عن طريق الحق. والوجهان المذكوران في هذه الآية جاريان في قوله: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى...﴾ الآية [٩٢/١٢].
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾، بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه لو شاء هداية جميع خلقه لهداهم أجمعين، وأوضح هذا المعنى في آيات أخر، كقوله: