هذا، قال الشافعي: لا أعلم مخالفاً لأبي بكر في ذلك. وقال أبو الزناد: كل من أدركت ينهى عن بيع اللحم بالحيوان؛ ولأن اللحم نوع فيه الربا بيع بأصله الذي فيه مثله فلم يجز؛ كبيع السمسم بالشيرج اهـ.
وقال صاحب المهذب: ولا يجوز بيع حيوان يؤكل لحمه بلحمه، لما روى سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يباع حي بميت"، وروى ابن عباس رضي الله عنهما: أن جزوراً نحرت على عهد أبي بكر رضي الله عنه؛ فجاء رجل بعناق فقال: أعطوني بها لحماً، فقال أبو بكر: لا يصلح هذا، ولأنه جنس فيه الربا بيع بأصله الذي فيه مثله فلم يجز كبيع الشيرج بالسمسم اهـ.
وقال ابن السبكي في تكملته لشرح المهذب: حديث سعيد بن المسيب رواه أبو داود من طريق الزهري عن سعيد كما ذكره المصنف، ورواه مالك في الموطإ، والشافعي في المختصر والأم، وأبو داود من طريق زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع اللحم بالحيوان، هذا لفظ الشافعي عن مالك، وأبي داود عن القعنبي عن مالك، وكذلك هو في موطإ ابن وهب، ورأيت في موطإ القعنبي عن بيع الحيوان باللحم، والمعنى واحد، وكلا الحديثين، أعني رواية الزهري وزيد بن أسلم، مرسل، ولم يسنده واحد عن سعيد. وقد روي من طرق أخر، منها عن الحسن عن سمرة: أن النَّبي ﷺ نهى أن تباع الشاة باللحم، رواه الحاكم في المستدرك وقال: رواته عن آخرهم أئمة حفاظ ثقات. وقد احتج البخاري بالحسن عن سمرة، وله شاهد مرسل في الموطإ، هذا كلام الحاكم. ورواه البيهقي في سننه الكبير، وقال: هذا إسناد صحيح. ومن أثبت سماع الحسن عن سمرة عده موصولاً، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد انضم إلى مرسل سعيد، ومنها عن سهل بن سعد قال: نهى رسول الله ﷺ عن بيع اللحم بالحيوان، رواه الدارقطني وقال: تفرد به يزيد بن مروان عن مالك بهذا الإسناد ولم يتابع عليه، وصوابه في الموطإ عن ابن المسيب مرسلاً، وذكره البيهقي في سننه الصغير، وحكم بأن ذلك من غلط يزيد بن مروان، ويزيد المذكور تكلم فيه يحيى بن معين، وقال ابن عدي: وليس هذا بذلك المعروف، ومنها عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النَّبي ﷺ نهى عن بيع الحيوان باللحم، قال عبد الحق: أخرجه البزار في مسنده من رواية ثابت بن زهير عن نافع، وثابت رجل من أهل البصرة منكر الحديث لا يستقل به؛ ذكره أبو حاتم الرازي. انتهى محل الغرض من كلام صاحب تكملة المجموع.


الصفحة التالية
Icon