وقوله هنا في قوم لوط: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [٧/٨٤].
لم يبين هنا هذا المطر ما هو، ولكنه بين في مواضع أخر أنه مطر حجارة أهلكهم الله بها كقوله: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ﴾ [١٥/٧٤]، وأشار إلى أن السجيل الطين بقوله في "الذاريات": ﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ﴾ [٥١/٣٣]، وبين أن هذا المطر مطر سوء لا رحمة بقوله: ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ﴾ [٢٥/٤٠]، وقوله تعالى في "الشعراء": ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [١٧٣].
قوله تعالى: ﴿وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً﴾، الضمير في قوله: ﴿وَتَبْغُونَهَا﴾، راجع إلى السبيل وهو نص قرآني على أن السبيل مؤنثة، ولكنه جاء في موضع آخر ما يدل على تذكير السبيل أيضاً، وهو قوله تعالى: في هذه السورة الكريمة: ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً﴾ [٧/١٤٦].
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾، بين تعالى حكمه الذي حكم به بينهم بقوله: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [١١/٩٤]، وقوله: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [٧/٧٨]، وقوله: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ﴾، وقوله: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [٢٦/١٨٩]، فإن قيل: الهلاك الذي أصاب قوم شعيب ذكر تعالى في الأعراف أنه رجفة، وذكر في هود أنه صيحة، وذكر في الشعراء أنه عذاب يوم الظلة.
فالجواب: ما قاله ابن كثير رحمه الله في "تفسيره"، قال: وقد اجتمع عليهم ذلك كله أصابه عذاب يوم الظلة وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم، ثم جاءتهم صيحة من السماء، ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم، فزهقت الأرواح، وفاضت النفوس، وخمدت الأجسام اهـ. منه.
قوله تعالى: ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾، بين جل وعلا الرسالات التي أبلغها رسوله شعيب إلى قومه


الصفحة التالية
Icon