القرآن؛ كقوله: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً﴾ [٧٨/٦-٧]، وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ﴾ الآية[٢١/٣١]، وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ﴾ [٧٧/٢٧]، وقوله جل وعلا: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ...﴾ الآية[٣١/١٠]، وقوله: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [٧٩/٣٢]، والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً.
ومعنى تميد: تميل وتضطرب.
وفي معنى قوله: ﴿أَنْ﴾، وجهان معروفان للعلماء، أحدهما: كراهة أن تميد بكم، والثاني أن المعنى: لئلا تميد بكم؛ وهما متقاربان.
الثانية: إجراؤه الأنهار في الأرض المذكور هنا في قوله: ﴿وَأَنْهَاراً﴾ [١٦/١٥]، وكرر تعالى في القرآن الامتنان بتفجيره الماء في الأرض لخلقه؛ كقوله: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ...﴾ الآية [١٤/٣٢-٣٣]، وقوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ﴾ [٥٦/٦٨-٧٠]، وقوله: ﴿وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ...﴾ الآية[٣٦/٣٤، ٣٥]، إلى غير ذلك من الآيات.
الثالثة: جعله في الأرض سبلاً يسلكها الناس، ويسيرون فيها من قطر إلى قطر في طلب حاجاتهم المذكور هنا في قوله: ﴿وَسُبُلاً﴾، وهو جمع سبيل بمعنى الطريق، وكرر الامتنان بذلك في القرآن؛ كقوله: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [٢١/٣١]، وقوله: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطاً لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً﴾ [٧١/١٩، ٢٠]، وقوله: ﴿قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً﴾ [٢٠/٥٢، ٥٣]، وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ الآية [٦٧/١٥]، وقوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [٤٣/٩-١٠]، إلى غير ذلك من الآيات.
الرابعة: جعله العلامات لبني آدم؛ ليهتدوا بها في ظلمات البر والبحر المذكور هنا في قوله: ﴿وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [١٦/١٦]، وقد ذكر الامتنان بنحو ذلك في


الصفحة التالية
Icon