صلة الموصول، والموصول وصلته خبر المبتدأ. ويحتمل أن يكون مجموعهما اسماً واحداً في محل نصب، على أنه مفعول ﴿أَنْزَلَ﴾، كما أشار له في الخلاصة بقوله:

ومثل ماذا بعد ما استفهام أو من إذا لم تلغ في الكلام
وبين جل وعلا كذب الكفار في دعواهم أن القرآن أساطير الأولين، بقوله: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ..﴾ الآية [٢٥/٦]، وبقوله هنا: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [١٦/٢٥].
قوله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن أولئك الكفار الذين يصرفون الناس عن القرآن بدعواهم أنه أساطير الأولين، تحملوا أوزارهم ـ أي: ذنوبهم ـ كاملة، وبعض أوزار أتباعهم الذين اتبعوهم في الضلال؛ كما يدل عليه حرف التبعيض الذي هو ﴿مِنْ﴾، في قوله: ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ...﴾ الآية [١٦/٢٥].
وقال القرطبي: ﴿مِنْ﴾ لبيان الجنس؛ فهم يحملون مثل أوزار من أضلوهم كاملة.
وأوضح تعالى هذا المعنى في قوله: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [٢٩/١٣]، واللام في قوله: ﴿لِيَحْمِلُوا﴾، تتعلق بمحذوف دل المقام عليه؛ أي: قدرنا عليهم أن يقولوا في القرآن: أساطير الأولين؛ ليحملوا أوزارهم.
تنبيه
فإن قيل: ما وجه تحملهم بعض أوزار غيرهم المنصوص عليه بقوله: ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ...﴾ الآية [١٦/٢٥]، وقوله: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [٢٩/١٣]، مع أن الله يقول: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [٣٥/١٨]، ويقول جل وعلا: ﴿وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا﴾ [٦/١٦٤]، ويقول ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [٢/١٣٤، ١٤١]، إلى غير ذلك من الآيات.


الصفحة التالية
Icon