آلِهَتَكُمْ..} الآية [٧١/٢٢-٢٣].
وبين مكر رؤساء الكفار، في قوله: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ...﴾ الآية [٣٤/٣٣]، والمكر: إظهار الطيب وإبطان الخبيث، وهو الخديعة. وقد بين جل وعلا أن المكر السيىء لا يرجع ضرره إلا على فاعله؛ وذلك في قوله: ﴿وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ [٣٥/٤٣].
قوله تعالى: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ﴾، أي: اجتثه من أصله واقتلعه من أساسه؛ فأبطل عملهم وأسقط بنيانهم. وهذا الذي فعل بهؤلاء الكفار الذين هم نمروذ وقومه ـ كما قدمنا في "سورة الحجر ـ فعل مثله أيضاً بغيرهم من الكفار؛ فأبطل ما كانوا يفعلون ويدبرون؛ كقوله: ﴿وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ [٧/١٣٧]، وقوله: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾ [٥/٦٤]، وقوله: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ [٥٩/٢]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ﴾، أي: يفضحهم على رؤوس الأشهاد ويهينهم بإظهار فضائحهم، وما كانت تجنه ضمائرهم، فيجعله علانية.
وبين هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله: ﴿أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾ [١٠٠/٩-١٠، أي: أظهر علانية ما كانت تكنه الصدور، وقوله: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ [٨٦/٩].
وقد بين جل وعلا في موضع آخر: أن من أدخل النار فقد ناله هذا الخزي المذكور، وذلك في قوله: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ [٣/١٩٢]، وقد قدمنا في سورة "هود" إيضاح معنى الخزي.
قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ﴾، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه يسأل المشركين يوم القيامة سؤال توبيخ، فيقول لهم: أين المعبودات التي كنتم تخاصمون رسلي وأتباعهم بسببها، قائلين: إنكم لا بد لكم أن تشركوها معي في عبادتي!
وأوضح هذا المعنى في مواضع أُخر، كقوله: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [٢٨/٦٢، ٢٨/٧٤]، وقوله: {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ


الصفحة التالية
Icon