يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [٦٦-٦٩]، ولم يبين هنا أنهم تواعدوا مع موسى موعداً لوقت مغالبته مع السحرة، وأوضح ذلك في سورة "طه" في قوله عنهم: ﴿فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوَىً قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ الآية[٥٨-٥٩].
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ﴾، لم يبين هنا الشيء الذي توعدهم بأنهم يصلبهم فيه، ولكنه بينه في موضع آخر، كقوله في "طه" ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ الآية[٧١].
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ﴾، ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أن فرعون وقومه إن أصابتهم سيئة أي قحط وجدب ونحو ذلك، تطيروا بموسى وقومه فقالوا: ما جاءنا هذا الجدب والقحط إلا من شؤمكم، وذكر مثل هذا عن بعض الكفار مع نبينا ﷺ في قوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾ الآية [٤/٧٨]، وذكر نحوه أيضاً عن قوم صالح مع صالح في قوله: ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ﴾ الآية [٢٧/٤٧]، وذكر نحو ذلك أيضاً عن القرية التي جاءها المرسلون في قوله: ﴿قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ﴾ الآية[٣٦/١٨]، وبين تعالى أن شؤمهم من قبل كفرهم ومعاصيهم، لا من قبل الرسل، قال في "الأعراف": ﴿أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [١٣١]، وقال في سورة "النمل" في قوم صالح: ﴿قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ [٢٧/٤٧]، وقال في "يس": ﴿قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ﴾ الآية[١٩].
قوله تعالى: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا﴾ الآية، لم يبين هنا من هؤلاء القوم، ولكنه صرح في سورة "الشعراء": بأن المراد بهم بنو إسرائيل لقوله في القصة بعينها: ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرائيلَ﴾ الآية[٥٩]، وأشار إلى ذلك هنا بقوله بعده: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ﴾ الآية[٧/١٣٧].
قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ﴾ الآية، لم يبين هنا هذه الكلمة الحسنى التي تمت عليهم، ولكنه بينها في "القصص" بقوله: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [٢٨/٥، ٦].


الصفحة التالية
Icon