اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} الآية [٣٥/٤٥]، وقوله: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ﴾ الآية [١٨/٥٨]، وأشار بقوله: ﴿وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً﴾ [١٦/٦١]، إلى أنه تعالى يمهل ولا يهمل. وبين ذلك في غير هذا الموضع؛ كقوله: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [١٤/٤٢]، وقوله: ﴿وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمّىً لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ﴾ [٢٩/٥٣].
وبين هنا: أن الإنسان إذا جاء أجله لا يستأخر عنه، كما أنه لا يتقدم عن وقت أجله، وأوضح ذلك في مواضع أُخر؛ كقوله: ﴿إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ﴾ الآية [٧١/٤]، وقوله: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا﴾ الآية [٦٣/١١]، إلى غير ذلك من الآيات.
واعلم: أن قوله تعالى: ﴿مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [١٦/٦١]، فيه وجهان للعلماء:
أحدهما: أنه خاص بالكفار؛ لأن الذنب ذنبهم، والله يقول: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [٦/١٦٤]، ومن قال هذا القول قال: ﴿مِنْ دَابَّةٍ﴾ [١٦/٦١]، أي: كافرة؛ ويروى هذا عن ابن عباس. وقيل: المعنى أنه لو أهلك الآباء بكفرهم لم تكن الأبناء.
وجمهور العلماء، منهم ابن مسعود، وأبو الأحوص، وأبو هريرة،
وقال الآخر:

تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا والموت أكرم نزال على الحرم
وقد ولدت امرأة أعرابي أنثى، فهجرها لشدة غيظه من ولادتها أنثى، فقالت:
ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل بالبيت الذي يلينا
غضبان ألا نلد البنينا ليس لنا من أمرنا ما شينا
وإنما نأخذ ما أعطينا
تنبيه
لفظة "جعل" تأتي في اللغة العربية لأربعة معان:
الأول: بمعنى اعتقد؛ كقوله تعالى هنا: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ﴾ [١٦/٥٧]، قال


الصفحة التالية
Icon