فلا إشكال في شمول الهلاك للحيوانات التي لا تعقل. وإذا أراد الله إهلاك قوم أمر نبيهم ومن آمن منهم أن يخرجوا عنهم؛ لأن الهلاك إذا نزل عم.
تنبيه
قوله: ﴿مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [١٦/٦١]، الضمير في ﴿عَلَيْهَا﴾، راجع إلى غير مذكور وهو الأرض؛ لأن قوله ﴿مِنْ دَابَّةٍ﴾ يدل عليه، لأن من المعلوم: أن الدواب إنما تدب على الأرض. ونظيره قوله تعالى: ﴿مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [٣٥/٤٥]، وقوله: ﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ [٣٨/٣٢]، أي: الشمس ولم يجر لها ذكر، ورجوع الضمير إلى غير مذكور يدل عليه المقام كثير في كلام العرب؛ ومنه قول حميد بن ثور:
وصهباء منها كالسفينة نضجت | به الحمل حتى زاد شهراً عديدها |
أماوى ما يغني الثراء عن الفتى | إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر |
حتى إذا ألقت يداً في كافر | وأجن عورات الثغور ظلامها |
وأجن عورات الثغور ظلامها
لأن قوله: "ألقت يداً في كافر"، أي: دخلت في الظلام. ومنه أيضاً قول طرفة في معلقته:
على مثلها أمضي إذا قال صاحبي | ألا ليتني أفديك منها وأفتدي |
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿يُؤَاخِذُ﴾ [١٦/٦١]، الظاهر أن المفاعلة فيه بمعنى الفعل المجرد؛ فمعنى آخذ الناس يؤاخذهم: أخذهم بذنوبهم؛ لأن المفاعلة