ومنه قوله في سورة الحفد التي نسخت: وإليك نسعى ونحفد؛ أي: نسرع في طاعتك. وسورة الخلع وسورة الحفد اللتان نسختا يسن عند المالكية القنوت بهما في صلاة الصبح، كما هو معروف.
وقيل: الحفدة الأختان، وهم أزواج البنات، ومنه قول الشاعر:

فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت لها حفد مما يعد كثير
ولكنها نفس علي أبية عيوف لإصهار اللثام قذور
والقذور: التي تتنزه عن الوقوع فيما لا ينبغي، تباعداً عن التدنس بقذره.
قال مقيده عفا الله عنه: الحفدة: جمع حافد، اسم فاعل من الحفد وهو الإسراع في الخدمة والعمل. وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يكون في نفس الآية قرينة دالة على عدم صحة قول بعض العلماء في الآية؛ فنبين ذلك.
وفي هذه الآية الكريمة قرينة دالة على أن الحفدة أولاد الأولاد؛ لأن قوله: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ [١٦/٧٢]، دليل ظاهر على اشتراك البنين والحفدة في كونهم من أزواجهم، وذلك دليل على أنهم كلهم من أولاد أزواجهم، ودعوى أن قوله ﴿وَحَفَدَةً﴾" معطوف على قوله ﴿أَزْوَاجاً﴾ [١٦/٧٢]، غير ظاهرة. كما أن دعوى أنهم الأختان، وأن الأختان أزواج بناتهم، وبناتهم من أزواجهم، وغير ذلك من الأقوال، كله غير ظاهر. وظاهر القرآن هو ما ذكر، وهو اختيار ابن العربي المالكي والقرطبي وغيرهما. ومعلوم: أن أولاد الرجل، وأولاد أولاده: من خدمه المسرعين في خدمته عادة، والعلم عند الله تعالى.
تنبيه
في قوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً..﴾ الآية[١٦/٧٢]، رد على العرب التي كانت تعتقد أنها كانت تزوج الجن وتباضعها؛ حتى روي أن عمرو بن يربوع بن حنظلة بن مالك تزوج سعلاة منهم، وكان يخبؤوها عن سنا البرق لئلا تراه فتنفر، فلما كان في بعض الليالي لمع البرق وعاينته السعلاة، فقالت: عمرو! ونفرت، فلم يرها أبداً. ولذا قال علباء بن أرقم يهجو أولاد عمرو المذكور:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
ألا لحى الله بني السعلاة عمرو بن يربوع لئام النات