وكالشرب فإنه جمع شارب. ومنه قول نابغة ذبيان:
كأنه خارجاً من جنب صفحته | سفود شرب نسوه عند مفتأد |
كأن وغاها حجرتيه وجاله | أضاميم من سفر القبائل نزل |
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ﴾ الآية، بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة منته على خلقه؛ بأنه جعل لهم سرابيل تقيهم الحر، أي والبرد؛ لأن ما يقي الحر من اللباس يقي البرد. والمراد بهذه السرابيل: القمصان ونحوها من ثياب القطن والكتان والصوف. وقد بين هذه النعمة الكبرى في غير هذا الموضع؛ كقوله: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً..﴾ الآية [٧/٢٦]، وقوله: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ...﴾ الآية [٧/٣١]، أي: وتلك الزينة هي ما خلق الله لهم من اللباس الحسن، وقوله هنا: ﴿وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ﴾ [١٦/٨١]، المراد بها الدروع ونحوها، مما يقي لابسه وقع السلاح، ويسلمه من بأسه.
وقد بين أيضاً هذه النعمة الكبرى، واستحقاق من أنعم بها لأن يشكر له في غير هذا الموضع؛ كقوله: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ﴾ [٢١/٨٠]، وإطلاق السرابيل على الدروع ونحوها معروف. ومنه قول كعب بن زهير:
شم العرانين أبطال لبوسهم | من نسج داود في الهيجا سرابيل |
وقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في آيات كثيرة؛ كقوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ