ومصدر منكر حالا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع
تنبيه
أظهر القولين: أن التبيان مصدر، ولم يسمع كسر تاء التفعال مصدراً إلا في التبيان والتلقاء. وقال بعض أهل العلم: التبيان اسم لا مصدر. قال أبو حيان في البحر: والظاهر أن ﴿تِبْيَاناً﴾، مصدر جاء على تفعال، وإن كان باب المصادر يجيء على تفعال بالفتح كالترداد والتطواف. ونظير تبيان في كسر تائه؛ تلقاء، وقد جوز الزجاج فتحه في غير القرآن. وقال ابن عطية: ﴿تِبْيَاناً﴾، اسم وليس بمصدر؛ وهو قول أكثر النحاة. وروى ثعلب عن الكوفيين، والمبرد عن البصريين: أنه مصدر، ولم يجىء على تفعال من المصادر إلا ضربان: تبيان وتلقاء اهـ. والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن العظيم هدى ورحمة وبشرى للمسلمين، ويفهم من دليل خطاب هذه الآية الكريمة ـ أي مفهوم مخالفتها ـ: أن غير المسلمين ليسوا كذلك، وهذا المفهوم من هذه الآية صرح به جل وعلا في مواضع أُخر؛ كقوله: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً﴾ [٤١/٤٤]، وقوله: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً﴾ [١٧/٨٢]، وقوله جل وعلا: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [٩/١٢٤-١٢٥]، وقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً﴾ [٥/٦٤، ٦٨ "، في الموضعين.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن يأمر خلقه بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وأنه ينهاهم عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ لأجل أن يتَّعظوا بأوامره ونواهيه، فيمتثلوا أمره، ويجتنبوا نهيه، وحذف مفعول ﴿يَأْمُرُ﴾، ﴿وَيَنْهَى﴾ [١٦/٩٠]، لقصد التعميم.
ومن الآيات التي أمر فيها بالعدل قوله تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا


الصفحة التالية
Icon