ثابت في الصحيح، وهذا الخلاف في مكة هل أخذها النَّبي ﷺ عنوة؟ وهو قول الجمهور، أو أخذ لها الأمان؛ والأمان شبه الصلح، عقده الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي في مغازيه بقوله في غزوة الفتح يعني مكة: "الرجز"
واختلفوا فيها فقيل أمنت | وقيل عنوة وكرهاً أخذت |
وأما ما وقع في قصة حنين فالجواب عنه ظاهر، وهو أن النَّبي ﷺ استطاب نفوس الغزاة عن الغنيمة ليؤلف بها قلوب المؤلفة قلوبهم لأجل المصلحة العامة للإسلام والمسلمين، ويدل على ذلك أنه ﷺ لما سمع أن بعض الأنصار قال: يمنعنا ويعطي قريشاً، وسيوفنا تقطر من دمائهم، جمعهم النَّبي صلى الله عليه وسلم، وكلمهم كلامه المشهور البالغ في الحسن، ومن جملته أنه قال لهم: "ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير وترجعون برسول الله ﷺ إلى رحالكم"، إلى آخر كلامه، فرضي القوم، وطابت نفوسهم، وقالوا: رضينا برسول الله ﷺ قسما وحظاً، وهذا ثابت في الصحيح، ونوه الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي في مغازيه بحسن هذا الكلام الذي خاطبهم به صلى الله عليه وسلم، بقوله في غزوة حنين: "الرجز"
ووكل الأنصار خير العالمين | لدينهم إذ ألف المؤلفين |
فوجدوا عليه أن منعهم | فأرسل النَّبي من جمعهم |
وقال قولاً كالفريد المؤنق | عن نظمه ضعف سلك منطقي |
وقد علمت الجواب عن حجج المخالفين في ذلك؛ ومن العلماء من يقول: لا يجوز للإمام أن ينفل أحداً شيئاً من هذه الأخماس الأربعة؛ لأنها ملك للغانمين، وهو قول مالك.