قريش وكريمتها، فقال: هيهات ذهبت المكارم فلا مكرمة اليوم إلا الإسلام، فقال: اشهدوا أنها في سبيل الله تعالى، يعني الدراهم التي باعها بها.
وعقده الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي في نظمه عمود النسب بقوله يعني قصياً: "الرجز"
واتخذ الندوة لا يخترع... في غيرها أمر ولا تدرع
جارية أو يعذر الغلام... إلا بأمره بها يرام
وباعها بعد حكيم بن حزام... وأنبوه وتصدق الهمام
سيد ناديه بكل الثمن... إذ العلى بالدين لا بالدمن
الرابع: أنها فتحت صلحاً، فبقيت على ملك أهلها، وقد قدمنا ضعف هذا الوجه.
الخامس: القياس؛ لأن أرض مكة أرض حية ليست موقوفة، فيجوز بيعها قياساً على غيرها من الأرض.
واحتج من قال: بأن رباع مكة لا تملك ولا تباع؛ بأدلة:
منها قوله تعالى: ﴿وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ [٢٢/٢٥]، قالوا: والمراد بالمسجد: جميع الحرم كله لكثرة إطلاقه عليه في النصوص، كقوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ الآية[١٧/١]، وقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ الآية [٩/٧]، وقوله: ﴿هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [٥/٩٥]، مع أن المنحر الأكبر من الحرم "منى".
ومنها قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا﴾ قالوا: والمحرم لا يجوز بيعه.
ومنها: ما أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن أبيه عن عبد الله بن باباه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مكة مناخ لا تباع رباعها، ولا تؤجر بيوتها".
ومنها: ما رواه أبو حنيفة، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن أبي نجيح، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: "مكة حرام، وحرام بيع رباعها، وحرام أجر بيوتها".


الصفحة التالية
Icon