وذهب بعض أهل العلم إلى أن الدية في شبه العمد في مال الجاني لا على العاقلة. لقصده الضرب وإن لم يقصد القتل. وبهذا قال ابن سيرين، والزهري، والحارث العكلي، وابن شبرمة، وقتادة، وأبو ثور، واختارة أبو بكر عبد العزيز اهـ من المغني لابن قدامة. وقد علمت أن الصواب خلافه؛ لدلالة الحديث المتفق عليه على ذلك.
أما مالك رحمه الله فلا يقول بشبه العمد أصلاً. فهو عنده عمد محض كما تقدم.
وأما الدية في الخطأ المحض فهو أخماس في قول أكثر أهل العلم.
واتفق أكثرهم على السن والصنف في أربع منها، واختلفوا في الخامس. أما الأربع التي هي محل اتفاق الأكثر فهي عشرون جذعة، وعشرون حقة، وعشرون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض. وأما الخامس الذي هو محل الخلاف فبعض أهل العلم يقول: هو عشرون ابن مخاض ذكراً. وهو مذهب أحمد، وأبي حنيفة، وبه قال ابن مسعود، والنخعي، وابن المنذر. واستدل أهل هذا القول بحديث ابن مسعود الوارد بذلك.
قال أبو داود في سننه: حدثنا مسدد، حدثنا عبد الواحد، ثنا الحجاج عن زيد بن جبير، عن خشف بن مالك الطائي، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في دية الخطأ عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون بني مخاض ذكرٌ". وهو قول عبد الله. انتهى منه بلفظه.
وقال النسائي في سننه: أخبرنا علي بن سعيد بن مسروق قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن حجاج، عن زيد بن جبير، عن خشف بن مالك الطائي قال: سمعت ابن مسعود يقول: قضى رسول الله ﷺ دية الخطأ عشرين بنت مخاض، وعشرين ابن مخاض ذكوراً، وعشرين بنت لبون، وعشرين جَذَعة، وعشرين حِقَّة.
وقال ابن ماجه في سننه: حدثنا عبد السلام بن عاصم، ثنا الصبَّاح بن محارب، ثنا حجاج بن أرطاة، ثنا زيد بن جبير، عن خشف بن مالك الطائي، عن عبد الله بن


الصفحة التالية
Icon