ينبني على أصلين:
الأول: تنزيه الله جلَّ وعلا عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم. كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [٤٢/١١].
والثاني : الإيمان بما وصف الله به نفسه. أو وصفه به رسول الله ﷺ على الوجه اللائق بكماله وجلاله. كما قال بعد قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [٤٢/١١]، مع قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتصاف، قال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾ [٢٠/١١٠]، وقد قدمنا هذا المبحث مستوفًى موضحاً بالآيات القرآنية «في سورة الأعراف».
ويكثر في القرآن العظيم الاستدلال على الكفار باعترافهم بربوبيته جلَّ وعلا ـ على وجوب توحيده في عبادته. ولذلك يخاطبهم في توحيد الربوبية باستفهام التقرير. فإذا أقروا بربوبيته احتج بها عليهم على أنه هو المستحق لأن يعبد وحده. ووبَّخهم منكراً عليهم شركهم به غيره، مع اعترافهم بأنه هو الرب وحده. لأن من اعترف بأنه هو الرب وحده لزمه الاعتراف بأنه هو المستحق لأن يعبد وحده.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ﴾ [١٠/٣١]، إلى قوله ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ [١٠/٣١]، فلَّما أقروا بربوبيته وبخهم منكراً عليهم شركهم به غيره بقوله: ﴿فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ [١٠/٣١].
ومنها قوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ [١٠/٣١]، فلمَّا اعترفوا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: ﴿قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾، ثم قال: ﴿قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ [٢٣/٨٧، ٨٦]، فلما أقرُّوا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: ﴿قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾، ثم قال: ﴿قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ [٢٣/٨٩، ٨٨]، فلما أقروا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: ﴿قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [٢٣/٨٩].
ومنها قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ﴾ [١٣/١٦]، فلما صح الاعتراف وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: ﴿قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا﴾ [١٣/١٦].


الصفحة التالية
Icon