لوروده، أو لا يسمى نسخاً في حقهم. لأنه وقع قبل بلوغ التكليف بالمنسوخ لهم. وإلى هذه المسألة أشار في مراقي السعود بقوله:
هل يستقل الحكم بالورود
... أو ببلوغه إلى الموجود

فالعزل بالموت أو العزل عرض كذا قضاء جاهل للمفترض
ومسائل الوكالة معروفة مفصلة في كتب فروع المذاهب الأربعة، ومقصودنا ذكر أدلة ثبوتها بالكتاب والسنة والإجماع، وذكر أمثلة من فروعها تنبيهاً بها على غيرها. لأنها باب كبير من أبواب الفقه.
المسألة الثانية: أخذ بعض علماء المالكية من هذه الآية الكريمة جواز الشركة، لأنهم كانوا مشتركين في الورق التي أرسلوها ليشتري لهم طعام بها.
وقال ابن العربي المالكي: لا دليل في هذه الآية على الشركة، لاحتمال أن يكون كل واحد منهم أرسل معه نصيبه منفرداً ليشتري له به طعامه منفرداً. وهذا الذي ذكره ابن العربي متجه كما ترى. وقد دلت أدلة أخرى على جواز الشركة. وسنذكر إن شاء الله بهذه المناسبة أدلة ذلك، وبعض مسائله المحتاج إليها، وأقوال العلماء في ذلك.
اعلم أولاً ـ أن الشركة جائزة في الجملة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
أما الكتاب فقد دلت على ذلك منه آيات في الجملة، كقوله تعالى: ﴿إِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ﴾ [٤/١٢]، وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [٣٨/٢٤] عند من يقول: إن الخلطاء الشركاء، وقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ الآية[٨/٤١]، وهي تدل على الاشتراك من جهتين.
وأما السنة فقد دلت على جواز الشركة أحاديث كثيرة سنذكر هنا إن شاء الله طرفاً منها. فمن ذلك ما أخرجه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النَّبي ﷺ قال: "من أعتق شركاً له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم، وإلا فقد عتق عليه ما عتق". وقد ثبت نحوه في الصحيح عن أبي هريرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، وفيه التصريح منه ﷺ بالاشتراك في الرقيق. وقد ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه لحديث ابن عمر وأبي هريرة المذكورين بقوله: "باب الشركة في الرقيق"، ومن ذلك، ما أخرجه الإمام أحمد والبخاري رحمهما الله عن أبي المنهال قال: اشتريت أنا


الصفحة التالية
Icon