وهي قوله: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا﴾ [١٨/٢١] لأن اتخاذ المساجد من صفات المؤمنين لا من صفات الكفار. هكذا قال بعض أهل العلم. ولقائل أن يقول: اتخاذ المساجد على القبور من فعل الملعونين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا من فعل المسلمين، وقد قدمنا ذلك مستوفي بأدلته في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ﴾ الآية[١٥/٨٠].
قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ﴾.
أخبر جل وعلا في هذه الآية الكريمة عن اختلاف الناس في عدة أصحاب الكهف، فذكر ثلاثة أقوال. على أنه لا قائل برابع، وجاء في الآية الكريمة بقرينة تدل على أن القول الثالث هو الصحيح والأرلان باطلان، لأنه لما ذكر القولين الأولين بقوله: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ [١٨/٢٢] أتبع ذلك بقوله: ﴿رَجْماً بِالْغَيْبِ﴾، أي: قولاً بلا علم، كمن يرمى إلى مكان لا يعرفه فإنه لا يكاد يصيب، وإن أصاب بلا قصد، كقوله: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيد﴾ [٣٤/٥٣] وقال القرطبي:
الرجم القول بالظن، يقال لكل ما يخرص رجم فيه ومرجوم ومرجم كما قال زهير:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم | وما هو عنها بالحديث المرجم |
قوله تعالى: ﴿و َلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾، نهى الله نبيه ﷺ في هذه الآية الكريمة أن يقول: إنه سيفعل شيئاً في المستقبل إلا معلقاً ذلك على مشيئة